قدمت الندوة الثانية من فعاليات «الخيمة الخضراء» التابعة لبرنامج لكل ربيع زهرة، توجيهات صحية قيمة وإرشادات عملية للصائمين الذين لديهم رخص شرعية للإفطار، وخاصة مرضى السرطان والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وقد استعرض العلماء خلال الندوة آراء الشريعة الإسلامية حول صيام المرضى، وأكدوا على أهمية الرخص الشرعية وأدلتها الواضحة من الكتاب والسنة النبوية، كما قام المشاركون من علماء الدين بتحديد الحالات التي يجب فيها الصوم، والحالات المرضية التي تستوجب الإفطار، وذلك لتوضيح الأحكام الشرعية المتعلقة بصيام المرضى.
وبالإضافة إلى الجانب الشرعي، تطرقت الندوة إلى الجوانب الصحية للصيام، حيث قدم الأطباء والمختصون نصائح وإرشادات حول كيفية الحفاظ على صحة الصائم خلال شهر رمضان، بما في ذلك التغذية السليمة، وشرب كميات كافية من الماء، وتجنب الإجهاد الزائد، وتم التأكيد على أهمية استشارة الطبيب المختص لتحديد القدرة على الصيام من عدمها.
أدار الندوة الدكتور سيف بن علي الحجري، رئيس برنامج الخيمة الخضراء، وشارك في النقاشات الدكتور فضل مراد، والدكتور محمد أسامة الحمصي، والدكتور أحمد يحيى الكندي، والدكتور أحمد الأسيوطي والدكتور جمال عبدالله باصهلي والدكتور زيد بن خطاب الهنائي.
وأكد المشاركون في النقاشات على الأهمية البالغة لهذا الموضوع، الذي يلامس حياة شريحة واسعة من الصائمين خلال شهر رمضان المبارك. وأشاروا إلى أن الأساس الشرعي لهذا الأمر يستند إلى قول الله تعالى في القرآن الكريم: «فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ».
وأوضح العلماء أن الفقهاء يقسمون المرضى إلى ثلاثة أصناف: الصنف الأول هو المرض الطفيف الذي لا يشكل مشقة كبيرة على المريض، وفي هذه الحالة لا يجوز الإفطار. أما الصنف الثاني فهو المرض الشديد الذي يستوجب الإفطار، مثل بعض الأمراض والحالات التي يحددها الأطباء، حيث يكون الصوم مضرًا بصحة المريض، وفي هذه الحالة يجب على المريض الإفطار والالتزام بتوجيهات الطبيب. والصنف الثالث هو الحالة الوسطى، حيث يشعر المريض ببعض المشقة، ولكن الصوم لا يضره ضررًا بالغًا، وفي هذه الحالة يجوز للمريض الإفطار في بعض الحالات، ولكن الأفضل له الصوم.
وقد شدد المشاركون على ضرورة استشارة الأطباء المختصين لتحديد القدرة على الصيام من عدمها، والتأكيد على أهمية اتباع الإرشادات الصحية خلال شهر رمضان، خاصة وأن الفتوى في بعض الحالات تعتمد على رأي الطبيب، مؤكدين أنه لا يجوز الصوم إذا كان يضر بصحة المريض، كما أن المرأة الحامل والمرضع يمكنهما الإفطار إذا كانتا تخافان على صحتهما أو صحة الجنين، وذلك استنادًا إلى القاعدة الفقهية «لا ضرر ولا ضرار».
واستعرض المشاركون الفوائد الصحية للصيام بناءً على أبحاث علمية منشورة، مؤكدين على أن الصيام يساعد الجسم على استهلاك الدهون المتراكمة في الشرايين، ويقلل من دهون البطن، ويخفض ضغط الدم ومستويات السكر والدهون الثلاثية. كما أوضحوا أن الصيام يساهم في تجديد الخلايا التالفة واستبدالها بخلايا سليمة. ونصح المشاركون بتناول بعض الأطعمة الصحية خلال شهر رمضان.
وأضاف المشاركون أن شهر رمضان فرصة ذهبية للإقلاع عن التدخين والتوقف النهائي عنه، خاصة مع انتشار المنتجات الضارة مثل السجائر الإلكترونية والسويكة بين طلاب المدارس والجامعات. واعتبروا أن شهر رمضان يمثل منظومة علاجية متكاملة، حيث يساعد الصيام على تطهير الجسم من السموم وتحسين الصحة العامة، مما يجعل الإقلاع عن التدخين أسهل وأكثر فعالية.
وقدم المشاركون مجموعة من النصائح الهامة لمرضى السكري خلال شهر رمضان، مشددين على ضرورة إدارة المرض ومراقبة مستويات السكر بانتظام. وأكدوا على أهمية الإفطار الفوري في حال انخفاض أو ارتفاع السكر لتجنب أي مضاعفات صحية خطيرة، ومنها مراقبة مستويات السكر بانتظام والإفطار الفوري عند الحاجة. كما شدد المشاركون على ضرورة اتباع تعليمات الطبيب المختص، خاصة وأن بعض المرضى يصرون على الصيام رغم المخاطر الصحية التي قد يتعرضون لها، لافتين إلى أنه يجب على مرضى السكري أن يكونوا على دراية تامة بكيفية إدارة مرضهم خلال شهر رمضان، وذلك من خلال مراقبة مستويات السكر، وتناول الأدوية في مواعيدها، واتباع نظام غذائي صحي.
يُشار إلى أن الجلسة الثالثة من ندوات ملتقى الخيمة الخضراء، تناقش القراءة التاريخية للنقوش الأثرية في جزيرة العرب، حيث تتناول محاور النقوش الصخرية والمسكوكات النقدية والنقوش والزخارف التزينية على الأسلحة والفخار والحلي.
0 تعليق