على وقع التحديات المائية التي تواجه منطقة الخليج العربي، والتي تتراوح بين شح الموارد الطبيعية، وارتفاع تكلفة إنتاج المياه، والتغيرات المناخية، تبرز الحاجة إلى حلول إقليمية مستدامة تضمن الأمن المائي لدول المنطقة، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء المنظمة العالمية للمياه التي تهدف إلى تنسيق الجهود بين الدول الأعضاء، وتعزيز تبادل الخبرات، ووضع استراتيجيات موحدة لمواجهة الأزمات المائية المحتملة. ورحبت الكويت، كإحدى الدول الرائدة في مجال تحلية المياه وإدارتها، بالفكرة، وأعلنت انضمامها كعضو مؤسس في المنظمة، انطلاقاً من رؤيتها أن الحلول الجماعية أكثر فعالية في مواجهة التحديات المائية المتزايدة، معتبرة الانضمام إلى المنظمة خطوة استراتيجية بهذا الشأن. والتقت «الجريدة» مديرة إدارة الأعمال الكيماوية في وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة م. سارة المطيري، التي كشفت عن تفاصيل الانضمام إلى تلك المنظمة، ودور الكويت فيها، وأهم المشاريع المستقبلية التي تسعى إلى تعزيز الأمن المائي، مؤكدة أن الكويت ستكون عضواً مؤسساً في المنظمة لتوحيد الجهود لمواجهة التحديات المائية. وأشارت المطيري إلى أن المنظمة ستضع استراتيجيات لحماية مياه الخليج من أي أحداث طارئة قد تؤثر عليها عبر 4 مستويات من الأزمات، لافتة في الوقت نفسه إلى أن مشروع الربط المائي الخليجي تحت الدراسة داخل اللجان الفنية، ويعد مشروعاً استراتيجياً لدول التعاون لتعزيز الأمن المائي... وفيما يلي التفاصيل.
• بداية نود أن نتعرف على أهمية فكرة إنشاء المنظمة العالمية للمياه وما الدوافع وراء تأسيسها؟
ــ الفكرة جاءت استجابة للتحديات المائية التي تواجه دول العالم، خصوصا منطقة دول الخليج، حيث تعتمد معظمها على مصادر مياه محدودة، مما يجعل التعاون الإقليمي ضرورة حتمية، وسيكون مقر المنظمة في العاصمة السعودية الرياض، وهذا يعزز مكانة دول الخليج في التعامل مع قضايا المياه، ليس فقط على المستوى الإقليمي، بل ايضا على المستوى الدولي.
• كيف كان موقف الكويت من هذه الفكرة؟
ــ الكويت رحبت بالفكرة وستكون عضوا مؤسسا في المنظمة، التي تقوم فكرتها على تمكين الدول الأعضاء من توحيد الجهود لمواجهة التحديات المائية، وتحقيق استدامة الموارد المائية، وستكون الرياض مركزا عالميا لهذه المنظمة للمياه.
الربط المائي الخليجي... مشروع استراتيجي تحت الدراسة لتعزيز الأمن المائي
قمة المياه الواحدة
• شهدنا في ديسمبر 2024 قمة المياه الواحدة في الرياض... هل يمكن أن تخبرينا عن أهمية هذه القمة؟
ــ قمة المياه الواحدة التي عقدت في الرياض كانت حدثا مهما برعاية وحضور ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس كازاخستان، وعدد من رؤساء الدول والخبراء العالميين، وهذه القمة أكدت مكانة الرياض كمركز عالمي لمناقشة قضايا المياه، وعززت دور المملكة في قيادة الجهود الدولية لحل مشكلات المياه، وشهدت القمة اجتماعا جانبيا لمؤتمر «COP 26»، حيث ناقشت أبرز التحديات التي تواجه المنطقة، والتي تشمل محدودية مصادر المياه في منطقة الخليج العربي، وشح الأمطار مما يزيد الاعتماد على مياه البحر، وجودة المياه والتحديات المرتبطة بالتلوث البيئي، بالاضافة إلى التكلفة العالية لإنتاج المياه عبر محطات التحلية.
نقل التكنولوجيا
• ما الفائدة العائدة على الكويت من الانضمام إلى هذه المنظمة؟
ــ هناك فوائد عديدة لانضمام الكويت لتلك المنظمة أهمها أن تكون الكويت جزءاً من الحلول لا مجرد دولة مستهلكة، مما يجعلها شريكا في صنع القرار، والعمل على نقل التكنولوجيا والخبرات العالمية، مما يساهم في تحسين تقنيات تحلية المياه وإدارتها، إضافة إلى تدريب الكوادر الوطنية، وتعزيز التعاون مع الخبراء الدوليين لتطوير استراتيجيات المياه.
خطة الطوارئ
• هل هناك خطط محددة لحماية مياه الخليج من الحوادث الطارئة؟
ــ نعم، المنظمة ستضع استراتيجيات لحماية مياه الخليج من أي أحداث طارئة قد تؤثر عليها، أما بالنسبة للكويت، فإن لدينا خطة طوارئ محدثة سنويا بإشراف وزارة الكهرباء، وبالتنسيق مع الجهات المعنية.
• ما تفاصيل هذه الخطة؟
ــ خطة الطوارئ تتعامل مع 4 مستويات من الأزمات تتمثل في انقطاع 25 في المئة من إنتاج المياه، وانقطاع 50 في المئة، وانقطاع 75 في المئة، وانقطاع 100 في المئة من الإنتاج، ولكل مستوى من تلك الخطة إجراءات خاصة يتم تطبيقها فورا، ويتم تحديث الخطة سنويا بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة داخل الوزارة وخارجها.
الربط المائي الخليجي
• هناك حديث عن مشروع للربط المائي بين دول الخليج هل يمكن أن تخبرينا بالمزيد عنه؟
ــ مشروع الربط المائي الخليجي هو أحد الحلول الاستراتيجية التي يتم مناقشتها داخل أمانة مجلس التعاون الخليجي، وهو مشروع يهدف إلى الربط المائي الثنائي بين دول مجلس التعاون، كأن تقوم الكويت بربط شبكتها المائية مع المملكة العربية السعودية، وحاليا، المشروع في مرحلة الدراسة داخل اللجان الفنية، وبمجرد الانتهاء من الدراسات الفنية والتنظيمية، سيتم بلورته وفق اللوائح المتبعة، وهذا المشروع سيتيح مصدرا احتياطياً للمياه بخلاف المياه المنتجة من البحر بالخليج العربي، مما يعزز الأمن المائي لدول الخليج.
المطيري: محدودية الموارد وارتفاع تكلفة الإنتاج أبرز التحديات المائية في الخليج
ضمان الجودة
• كيف يتم ضمان جودة المياه التي تصل إلى المستهلك؟
ــ لدينا إدارة متخصصة وهي إدارة الأعمال الكيميائية، وهي المسؤولة عن مراقبة وضبط جودة المياه المنتجة من محطات التحلية، وحتى وصولها للمستهلكين.
• ما أبرز الإجراءات التي تتبعونها لضمان الجودة؟
ــ يتم إنتاج المياه في محطات التحلية باستخدام تقنيات التقطير الوميضي متعدد المراحل (MSF) والتناضح العكسي (RO)، وإحدى مراحل الإنتاج مرحلة تختص بإضافة نسب معينة من الأملاح لضمان التوازن الكيميائي للمياه والتعقيم بالكلور أو ثاني أكسيد الكلورين، ومن ثم يتم ضخ المياه عبر شبكة توزيع متطورة تشمل الخزانات الأرضية والأبراج العلوية، وصولا للمستهلك، وخلال تلك المراحل يتم أخذ عينات من المياه ويتم فحصها بطرق مختلفة للتأكد من سلامة المياه قبل وصولها إلى المستهلك.
3 وسائل للمراقبة
• كيف يتم التأكد من أن المياه التي تصل إلى المستهلك صالحة للاستخدام الآدمي؟
ــ نحن نستخدم 3 وسائل رئيسية لمراقبة جودة المياه، حيث يتم فحصها من خلال «الفحص اليدوي عبر فرق مختصة، والفحص المختبري في 6 مختبرات موزعة على أنحاء الكويت، ومن خلال أجهزة الفحص الأوتوماتيكي المرتبطة بأنظمة التحكم الذكية، التي تتيح مراقبة المياه لحظيا عبر شاشات المراقبة والمتابعة، كما تتعاون معنا جهات رقابية أخرى مثل الهيئة العامة للبيئة، ووزارة الصحة، وجهات أخرى، تقوم بأخذ عينات دورية من المياه وفحصها، للتأكد من تطابقها مع المعايير الصحية العالمية.
سلامة المياه
• ما المعايير التي تتبعها الإدارة لضمان جودة وسلامة المياه؟
ــ نحن ملتزمون بالقيم الاسترشادية لمياه الشرب الصادرة من منظمة الصحة العالمية وقانون حماية البيئة رقم 42 لسنة 2014 والمعدل ببعض أحكام القانون رقم 99 لسنة 2015 الصادر من الهيئة العامة للبيئة الكويتية الخاص بمياه الشرب.
وحصلت الكويت على المرتبة الأولى عربيا في درجة أمان ونظافة مياه الشرب وفق إعلان منظمتي الصحة العالمية واليونيسيف في كل من عام 2017 من بين 96 دولة شاركت في تقديم بياناتها، وعام 2020 من بين 137 دولة مشاركة، كما تم تصنيف الكويت من الدول التي حصلت على معدل 100 في المئة وفقا لبرنامج الرصد المشترك بين»الصحة العالمية«و»اليونسيف«في كل من عامي 2018 و2021، وذلك من خلال تأمين مياه شرب ذات جودة عالية للمدارس.
تقنيات جديدة
• هل هناك تقنيات جديدة أو مشاريع حديثة تم تبنيها في معالجة المياه؟
ــ يوجد مناقصات حديثة لدى الإدارة وجار العمل عليها حاليا وستنفذ في «الزور الشمالي والزور الجنوبي والمطلاع العالي»، وحرصت الإدارة في تلك المناقصات على استخدام أحدث تقنيات تعقيم المياه باستخدام نظام حقن غاز ثاني أكسيد الكلورين، الذي يزيد من جودة ونوعية المياه.
• ما خطط الوزارة لتعزيز التعاون مع الجهات الدولية أو المحلية لتطوير قطاع المياه؟
ــ بالفعل لدى الوزارة خطط لتعزيز التعاون مع الجهات الدولية والمحلية سواء من خلال المنظمات العربية والإقليمية أو الأسكوا، كما أن هناك تقييما لنتائج فحص عينات المياه التي تتم في مختبرات الإدارة، عن طريق إرسال عينات مياه عذبة مماثلة من نقاط مختلفة على الشبكة إلى أحد المختبرات العالمية الحاصلة على شهادة الأيزو، ومقارنة تلك النتائج للتأكد من دقة نتائج مختبرات الإدارة.
خطط مستقبلية
• ما الخطط المستقبلية للإدارة لتوسيع أو تحسين خدماتها؟
ــ الخطط المستقبلية للإدارة تتماشى مع مشاريع الوزارة المستقبلية في بناء مجمعات جديدة لتوزيع المياه، وبناء شبكة جديدة من خطوط المياه العذبة، ودراسة كيفية ضبط جودة نوعية المياه العذبة في هذه المنشآت الجديدة.
ويتم بشكل دائم تطوير العقود الخاصة بأعمال الصيانة للقيام بتطوير وتحديث أجهزة التحكم الأوتوماتيكية في نوعية المياه وأجهزة المختبرات الحديثة، ومن خلال تحديث وتطوير برامج تدريبية للعاملين، وذلك بمواكبة التطور العالمي لأحدث التقنيات المستخدمة في تحكم المياه ودراسة مدى الاستفادة منها.
• ما رسالتك للمستهلكين بشأن الأمن المائي في البلاد؟
ــ أود أن أطمئن أن الكويت تعمل على استراتيجيات فعالة لضمان الأمن المائي، من خلال مشاريع تطوير تقنيات تحلية المياه، كما أننا نحرص على تطبيق أعلى معايير الجودة لضمان وصول مياه آمنة للمستهلكين.
بنية تحتية متطورة للمياه
كشفت م. سارة المطيري أن الكويت تمتلك بنية تحتية متطورة للمياه تشمل:
• 107 خزانات أرضية بسعة 455 مليون غالون إمبراطوري لكل منها.
• 21 محطة ضخ موزعة في أنحاء البلاد.
• 94 برج مياه عذبة بسعة 61 مليون غالون.
• 28 خزاناً للمياه قليلة الملوحة بسعة تخزينية 537 مليون غالون إمبراطوري، والتي يتم ضخها عبر 7 محطات ضخ.
• 15 برجاً للمياه قليلة الملوحة بسعة إجمالية 9.9 ملايين غالون إمبراطوري.
طول شبكة المياه العذبة 10060 كيلومتراً.
تحديات للحفاظ على جودة الثروة المائية
قالت المطيري إن من أبرز التحديات التي تواجه الإدارة في الحفاظ على جودة الثروة المائية واستدامتها وجود بعض الممارسات الخاطئة من جانب القليل من المستهلكين، مثل عملية ربط خطوط المياه العذبة بخطوط المياه قليلة الملوحة، والتي تعتبر من أهم الأسباب التي تؤثر سلبا على جودة ونوعية مياه الشرب، ويتم التصدي لتلك المشكلة متى ما تم رصدها فوراً باتخاذ الإجراءات اللازمة المتبعة.
الذكاء الاصطناعي وعمليات التحكم في نوعية المياه
أكدت المطيري أن الإدارة حرصت على ادخال التكنولوجيا الحديثة في بعض برامجها ومنها الذكاء الاصطناعي، حيث تم استخدام بعض البرامج في نطاق محدود في عمليات التحكم في نوعية المياه.
وأشارت إلى أن الإدارة تحرص على إدخال التكنولوجيا الحديثة في تلك العملية، عبر استخدام تطبيقات وبرامج آمنة بالتنسيق مع قطاع التخطيط والتدريب في الوزارة.
0 تعليق