المصريون يستقبلون رمضان بالفوانيس وتخزين المواد الغذائية الأساسية
المحشي والسمبوسة وطبق الفتة باللحم أو الكبدة من أبرز وجبات الإفطار
الفول المدمس والفلافل والزبادي أساسيات المائدة المصرية في السحور
موائد الرحمن رمز للتكافل الاجتماعي ويقدمها الأفراد والجمعيات الخيرية
مصر هي «أم الدنيا» وأرض الكنانة، تتمتع بطقوس خاصة وعادات وتقاليد مميزة وفريدة خلال شهر رمضان الفضيل، مما جعلها محط جذب لأنظار العالم أجمع ووجهة سياحية مفضلة خلال هذا الشهر الكريم.
ورمضان في مصر تجربة غنية تجمع بين الروحانيات، والتكافل الاجتماعي، والتراث الثقافي، والعادات الاجتماعية، والطقوس الدينية، مما يعزز قيم التضامن والمحبة بين الناس، كما انها تشتهر بالعديد من الأطباق الرمضانية ذائعة الصيت على مستوى العالم.
والإسلام في مصر جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية والاجتماعية للشعب، ويبلغ عدد سكان هذا البلد الذي يقع في شمال القارة الأفريقية، وفقًا لتقديرات عام 2023، حوالي 105 ملايين نسمة، وتشير التقديرات الرسمية والإحصاءات الدولية (مثل تقارير الأمم المتحدة والبنك الدولي) إلى أن المسلمين يشكلون ما بين 90 إلى 95% من إجمالي السكان.
الزينة الرمضانية
يستقبل المصريون الشهر الفضيل بأجواء احتفالية تبدأ بتنظيف المنازل وتزيينها بالفوانيس والزينة الرمضانية المبهجة، كما تُزين الشوارع بالإضاءات والفوانيس.
ويحرص المصريون على تخزين المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز، والسكر، والزيت، استعدادًا لتحضير الأطباق الرمضانية.
وتشتهر بأطباقها الفريدة والمتنوعة خلال الشهر الفضيل، التي تجمع بين مختلف النكهات.
ويبدأ المصريون إفطارهم بالتمر والحليب أو الماء، اقتداءً بالسنة النبوية الشريفة، ومن الأطباق الرئيسية خلال الشهر الفضيل، وجبة المحشي، مثل محشي الكرنب، وورق العنب، والفلفل، والباذنجان، ويُحشى بالأرز الممزوج بالخضراوات والتوابل، وأحيانًا باللحم المفروم. بالإضافة إلى السمبوسة، التي تُعتبر من المقبلات الشعبية في رمضان، وتُحشى باللحم المفروم، أو الجبن، أو الخضاروات، وتُقلى أو تُخبز.
وطبق الفتة باللحم أو الكبدة، ويتكون من طبقات من الخبز المحمص، والأرز، والثوم، والخل، والصلصة، ويُزين باللحم المسلوق أو الكبدة.
بالإضافة إلى الرقاق، وهو عجينة رقيقة تُحشى باللحم المفروم أو الجبن، وتُخبز أو تُقلى، ويُعتبر من الأطباق التقليدية في رمضان، إلى جانب المكرونة بالبشاميل، والكفتة المشوية، والفراخ المحمرة، واللحم المشوي، وغالبًا تُقدم مع الأرز أو الخبز.
أما أطباق الحساء، فأبرزها شوربة العدس، التي تُعد من العدس الأصفر مع التوابل وأحيانًا الخضراوات مثل الجزر والبصل، وشوربة الخضار، التي تُعتبر خفيفة ومغذية، وتحتوي على مجموعة متنوعة من الخضراوات.
بالإضافة إلى السلطة الخضراء، وسلطة الزبادي بالخيار.
ومشروب «قمر الدين»، التقليدي الشهير الذي يُصنع من المشمش المجفف، ويُعتبر منعشًا ومغذيًا. ومن المشروبات الأخرى «التمر الهندي»، الذي يُساعد على الترطيب، والخروب، أحد المشروبات الشعبية التي تُقدم باردة، والعرقسوس التقليدي، الذي يُحضر من جذور العرقسوس ويُقدم باردًا أيضًا.
ويُعتبر طبق المخللات من الأطباق الثابتة على المائدة المصرية في الإفطار والسحور.
أما الحلويات، فأبرزها الكنافة والقطايف، وتُحشى القطايف بالمكسرات أو القشطة وتُقلى أو تُخبز، بينما تُحضر الكنافة بالجبن أو القشطة وتُغطى بالشربات (القطر).
والبسبوسة، حلوى مصرية تقليدية تُحضر من السميد، والسكر، والسمن، وتُزين بالمكسرات.
ويحرص المصريون على تناول وجبة سحور توفر الطاقة للصائم طوال اليوم، لذا يُفضلون تناول أطباق مثل الفول المدمس، الذي يُعتبر وجبة أساسية في السحور المصري، ويُقدم مع الخبز البلدي والزيت، بالإضافة إلى الفلافل والجبن الأبيض والزبادي، والخبز.
ومن وجبات السحور أيضًا التمر والحليب والفواكه المجففة مثل التمر، والتين، والمشمش المجفف، للحفاظ على مستوى السكر في الدم، أما المشروبات الساخنة فهي تقليدية مثل الشاي أو القهوة.
موائد الرحمن
تُعد موائد الرحمن من أبرز مظاهر التكافل الاجتماعي في مصر، ويقوم الأفراد والجمعيات الخيرية بإعداد موائد إفطار جماعية في الشوارع والمساجد لتقديم الطعام مجاناً للصائمين، خاصة الفقراء والمسافرين.
ومن العادات الشائعة تبادل الأطباق بين الجيران والأقارب، ويرسل كل بيت طبقًا من الطعام إلى الآخر كنوع من المودة والمشاركة.
ويستغل المصريون رمضان لتعزيز الروابط الاجتماعية، وتكثر الزيارات العائلية بعد الإفطار أو أثناء صلاة التراويح.
و»المسحراتي» من الطقوس التي تتوارثها الأجيال في مصر، ويتجول «المسحراتي» في الشوارع قبل الفجر لإيقاظ الناس للسحور باستخدام الطبلة وعصا خشبية، وهو يردد عبارات شعبية مثل «اصحى يا نايم، وحد الدايم»، أو يذكر أسماء سكان الحي لتحفيزهم.
والفوانيس رمز رمضان في مصر، ويشتري الأطفال الفوانيس الملونة التقليدية أو الحديثة، ويرددون أغاني شعبية مثل «وحوي يا وحوي» أثناء تجوالهم في الشوارع.
وتشهد الأسواق، خاصة في المناطق الشعبية مثل الحسين والسيدة زينب، انتعاشًا كبيرًا قبل الإفطار، ويتزاحم الناس لشراء مستلزمات الإفطار، مثل التمور، والمخللات، والحلويات.
ويحرص المصريون على أداء الصلوات الخمس وصلاة التراويح، كما يُكثرون من قراءة القرآن والأدعية.
وتُعتبر ليلة القدر من أهم الليالي في رمضان، ويحتفل بها المصريون بالصلاة والذكر، خاصة في ليلة 27 رمضان، كما تُنظم جلسات دينية في المساجد الكبرى مثل مسجد الحسين والأزهر.
كما يحرصون على إخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد، وعادةً تكون على شكل مواد غذائية (مثل الأرز أو القمح) أو قيمتها نقدًا.
أمسيات رمضانية
تشتهر مصر بأمسياتها الثقافية على مدار العام، ولكن في شهر رمضان يتم تكثيف تلك الأمسيات بعد الإفطار. وتنتشر الأجواء الاحتفالية في الشوارع والمقاهي، ويلتقي الناس لتبادل الأحاديث أو مشاهدة البرامج التلفزيونية الخاصة برمضان، مثل المسلسلات، والبرامج الكوميدية، وبرامج المسابقات.
كما تُنظم خيم رمضانية في المدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية، وهي أماكن ترفيهية تقدم عروضًا موسيقية، وإنشادًا دينيًا، وأطباقًا رمضانية.
ويحتفل الأطفال طوال الشهر الفضيل بالفوانيس ويرددون الأغاني التقليدية، بينما ينظم الكبار جلسات للألعاب الشعبية مثل الدومينو والطاولة، وتُنظم جلسات للمديح النبوي والأناشيد الدينية في المساجد والأماكن العامة.
وتتغير مواعيد العمل في مصر خلال رمضان، وتُخفض ساعات العمل في القطاعين العام والخاص، وتُغلق العديد من المطاعم خلال النهار، بينما تفتح أبوابها بعد الإفطار لتقديم وجبات خاصة.
وتُبث المسلسلات والبرامج التلفزيونية الخاصة برمضان، وهي تُعتبر جزءًا أساسيًا من الترفيه الرمضاني.
0 تعليق