حفظت كتاب الله وعلّمته بموازاة دراسة الدكتوراه.. «أسماء» اليمنية.. رحلة تفوق في مجالي القرآن والفيزياء

العربية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ما أجمل أن يسعى المرء لتحقيق أحلامه بعزيمة قوية رغم الظروف الصعبة المحيطة به، مرتقيا في معارج العلم، ومحققا التفوق في مجالات متعددة، ليكون نموذجا فريدا من الكفاح والتميّز.
هذا ما ينطبق على السيدة «أسماء عبد الله» التي ولدت لأسرة يمنية بسيطة ولكنّها عرفت بالإرادة، لذا لم يكن مستغربا أن تجمع بين التفوق في مجال القرآن، وبين التميّز في المجالات العلمية العصرية، حيث تتابع حاليا دراستها في مجال الدكتوراه، وتدرّس في الجامعة بنظام الساعات.

سباق مع الزمن
علاقة «أسماء» بالقرآن تعود لبدايات عمرها، فقد نشأت في بيت تتردد فيه آيات الذكر الحكيم، فكانت تأنس بالاستماع إليه، وترتاح وهي تتلو سوره، وكم تمنت حفظه ولكن الطريق لهذه الغاية لم تكن مفروشة بالورود، مع تحديات الحياة في اليمن، خصوصا في ظل أزمتها الممتدة وتردي الوضع المعيشي.
قررت أسماء أن تستغل إجازة ما بعد الثانوية العامة وعزمت أمرها على تحقيق حلمها الأكبر المتمثل بحفظ كتاب الله، فالتحقت بحلقات تحفيظ القرآن بمركز «أمهات المؤمنين»، ورغم بعد المسافة وصعوبة المواصلات كانت تتردد يوميًا على المركز بقلبٍ عامر بالإيمان، تحفظ خمس صفحات في اليوم، وتراجع ثلاثة أجزاء، وتتنافس مع زميلاتها وكأنها تسابق الزمن لتحقيق أمنيتها العزيزة إلى أن أتمت بفضل الله حفظه، ونالت بعد ذلك إجارة في القراءات السبع.

خير معين
انتقلت أسماء بعد فترة لتعليم القرآن في الفترة المسائية، وهي طالبة بالجامعة، وكانت «كفالة المعلم» من قبل قطر الخيرية خير معين لها على أداء هذه المهمة الجليلة «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه»، وداعما لها في مواصلة دراستها الجامعية، والاستمتاع بنعمتي التعلّم في الجامعة والتعليم في مراكز تعليم القرآن الكريم بآن واحد، لمدة تزيد على أربع سنوات، حيث كانت فضلا عن تحفيظ طالباتها القرآن تعلمهنّ المتون وأهمها «متن الجزرية» في التجويد، و»متن الشاطبية» في القراءات.   
نالت أسماء شهادتي بكالوريوس الأولى في الفيزياء من كلية التربية، والأخرى في فيزياء العلوم التطبيقية، ثم نالت درجة الماجستير في الفيزياء، وهي حاليا تحضّر الدكتوراه في نفس المجال.
في مرحلة الدراسات العليا بالجامعة وبسبب ضغط مشاغلها الأكاديمية توقفت أسماء عن تعليم كتاب الله في مراكز تحفيظ القرآن، ولكنها واصلت تعليمه وتحفيظه لأقاربها وجيرانها تطوعا لوجه الله.

أمنية غالية
حدثتنا أسماء بتأثر كيف أنّ القرآن منحها «طاقة هائلة» لتحقيق طموحاتها قائلة: «كان نورًا في دربي، علَّمني الصبر والتخطيط». فحين كانت تتدبر آيات «إنَّ مع العسر يسرًا»، كانت تشحذ همتها لتواجه صعوبات البحث العلمي، وحين تتلو «وقلِ اعملوا فسيرى الله عملكم»، تتذكر أن الإتقان في العمل عبادة.  
أما أعظم ما ترجوه من الله، فهو أن تكون سببًا في إدخال والديها الجنة، تحقيقًا لوعد النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ القرآن وتعلَّم وعمل به أُلبس والداه يوم القيامة تاجاً من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويكسى والداه حلتين لا تقوم لهما الدنيا فيقولان: بم كسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق