في منتصف رمضان، حين تكون أرواح الناس أكثر ميلا للخير والتكاتف، انطلقت هذه المبادرة بدعم مباشر من صاحبة السمو الملكي الأميرة نجود بنت هذلول بن عبدالعزيز، لتصل إلى أكثر من 600 بائع جائل في مختلف مناطق المملكة، لا لتمنحهم أماكن مرخصة فحسب، بل لتمدهم بالاستقرار، وترتقي بجودة أعمالهم، وتجعل من "البسطة" مشروعا اقتصاديا حقيقيا، مدعوما بالتخطيط والتطوير والتدريب.
جدة.. حيث تنبض المبادرات بالحياة
في جدة، المدينة التي اعتادت أن تكون رائدة في كل جديد، لم يكن لهذا العمل الاستثنائي أن يمر دون بصمة واضحة من أمانتها، التي وقفت جنبا إلى جنب مع الباعة الجائلين، مانحة إياهم مواقع مرخصة، ومساحات منظمة، بل ومساهمة في الترويج لهم بفعاليات تحاكي روح المدينة، حيث يلتقي البحر بالنشاط، وحيث لا حدود للطموح.
برعاية كريمة من معالي أمين محافظة جدة، افتتحت الأمانة هذه البسطات، ليس فقط كأكشاك مؤقتة، بل كجزء من مشروع مستدام يعيد تعريف مفهوم البيع الجائل، ليصبح أكثر احترافية وأمانا واستقرارا. إنه تحولٌ مهم، لا يقتصر على منح التصاريح، بل يتجاوز ذلك إلى رفع الوعي المجتمعي بأهمية دعم هذه الفئة، التي لم تكن يوما مجرد مشهد عابر، بل مكون حقيقي من مكونات الاقتصاد المحلي، والموروث الثقافي للمدينة.
حين يصبح البيع الجائل مشروعا واعدا
لم يعد البائع الجائل ذاك الشخص الذي يتنقل خفية، أو يخشى من الملاحقات البلدية، بل أصبح اليوم صاحب مشروع صغير، يملك ترخيصا، ويقف على أرضية نظامية، مدعوما بالتدريب والإرشاد. فالمبادرة ليست فقط "بسطة" منظمة، بل هي إعادة صياغة لمفهوم الاقتصاد البسيط، ليكون ضمن دائرة التنمية المستدامة.
"بسطة خير" ليست مجرد فرصة عابرة، بل خطوة نحو اقتصاد أكثر شمولية وإنسانية، حيث يجد البائع البسيط مكانه في السوق، دون أن يكون على الهامش. إنها رسالة بأن التنظيم لا يعني الإقصاء، بل هو دعوة للانضمام إلى نسيج متكامل، يحترم كل يد تعمل، ويقدر كل جهد يُبذل.
في جدة، كما في بقية مدن المملكة، تشرق هذه المبادرة كنافذة أمل، تعانق لقمة العيش، وتمنحها طابعا أكثر استدامة. وهكذا، تصبح كل بسطة ليست مجرد مكان للبيع، بل مساحة للحلم، للنمو، وللعيش بكرامة.
Idrees2030E@
0 تعليق