في لقاء أخير على إحدى القنوات التلفزيونية، ذكر الفنان القدير الاستاذ سعد الفرج، قصة الرقابة مع مقطع لمشهد، او موقف في اطار عمل مسرحي متكامل.
يقول: كنا نجهز لعمل مسرحي انا والكاتب المسرحي الراحل عبدالأمير تركي، فأدخلنا حادثة تفجير موكب سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، لكن رفضت الرقابة بشدة على أساس أن القيمين على عملية التفجير ليسوا عرباً، إنما أجانب.
يضيف الفنان العملاق في روايته: في اليوم التالي قابلنا الشيخ صباح الاحمد نعرف منه عمن قام بالعملية، فأكد سموه أنهم "عرب".
في موقف آخر، بعد حرب تحرير الكويت من العدوان العراقي الغاشم، عرضت قناة "MBC" العربية لقاءً مطولاً مع الرئيس اليمني المغدور علي عبدالله صالح، وكان الحديث يسير اعتيادياً الى أن جاء السؤال عن موقفه من الغزو العراقي للكويت، وكلنا نعلم ان الرجل كان من المؤيدين للغزو، وضم الكويت الى العراق.
فجأة قطع بث التلفزيون الكويتي الذي كان ينقل المقابلة، وانتقل الى بث برامجه الاعتيادية.
في صباح اليوم التالي كتبت مقالة على الصفحة الاخيرة من جريدة "الرأي العام"، انتقدت وبشدة قطع المقابلة، فاتصل بي وزير الاعلام المرحوم الشيخ سعود الناصر الصباح شارحاً أسباب قطع الرقابة المقابلة.
فقال إن الرقابة خشيت من ان يتحدث علي صالح عن الغزو، فقلت لمعاليه، يرحمه الله "يا ليت تحدث وسمعنا رأيه، وما سيقول عن موقفه المؤيد للغزو".
وقلت للشيخ سعود: ان الرقيب اذا لم يكن أذكى واثقف من الاعلاميين فهذا لا ينبغي ان يجلس في مكان لا يستحقه، فالرقابة ليست مهنة من لا مهنة له، ولا ينبغي للحكومة ان تصنف الرقابة على هامش الوظائف الحكومية، فتوظف ذوي شهادات المتوسطة او الثانوية لوظيفة يتقلدها الاذكياء وحملة الشهادات العليا.
هناك تخصص في وظيفة او مهنة الرقابة، إن الكثير من التجاوزات المضحكة والمخجلة التي لا تليق باعلام كويتي عريق، لكن ما العمل اذا كانت الحكومة لا ترى الرقابة الا وظيفة لمن لا وظيفة له، او لا تعول الحكومة على معلومات، وتقارير الرقباء؟
هل الدول المتقدمة والديمقراطية والاعلام الحر تخلو من منصات الرقابة، ومتابعة الاعلام او منع الكتب والمصنفات الفنية؟
انظر الى كمية المواد والمصنفات التي تصادرها في دولة شعارها الحرية وحرية التعبير، أميركا، الرقابة هناك جزء من خط الدفاع الوطني الذي لا يقل عن الجيش والشرطة.
نحن، واعني الكويت، لسنا في مأمن، فاعداؤنا من الداخل، والرقابة ليست على مادة صحافية، او نكتة من مهرج، او فيلم جنسي، لكن رقابة محتوى لا يقل خطره عن المواد المخدرة والمسكرة.
نحن ما زلنا نمشي على النوايا الطيبة والبساطة، وكأننا وحدنا في هذا الكوكب المليء بالمؤامرات والجرائم.
صحافي كويتي
0 تعليق