في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها الحكومة لتعزيز الشفافية والمساءلة، أعدّت الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) الدليل الإرشادي لآلية إعداد ومحتوى التقارير السنوية للجهات الحكومية، والذي يشرح كيفية إعداد التقارير السنوية التي تبين أداء الجهات الحكومية من حيث الانجازات التي حققتها وشرح التحديات التي واجهتها واقتراحاتها لتحسين سير العمل فيها بكل شفافية.
مسودة الدليل الإرشادي تُعد بمثابة خارطة طريق تضمن توحيد إجراءات إعداد التقارير الحكومية بطريقة تعكس أداء المؤسسات العامة، ومدى تحقيقها لأهدافها الإستراتيجية، ومدى توافقها مع رؤية الكويت 2035، التي تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز كفاءة المؤسسات العامة، وقد قامت الهيئة بإرسال المسودة إلى كل الجهات الحكومية للاطلاع عليه وتزويدها بمرئياتها إن وجدت.
معايير عامة
ووضعت الهيئة مجموعة من المعايير لضمان إعداد تقارير سنوية ذات جودة عالية، حيث شددت على ضرورة أن تكون لغة التقرير بسيطة وواضحة وسهلة الفهم، مع تجنب استخدام المصطلحات المعقدة أو الغامضة، وأكدت على أهمية أن تكون المعلومات الواردة في التقرير دقيقة ومحدّثة، وأن يتم إصداره خلال الربع الأول من السنة المالية التالية، لضمان توافر المعلومات في الوقت المناسب لاتخاذ القرارات المناسبة، كما أشارت إلى أن الدليل هو وثيقة إرشادية، وأن لكل جهة حكومية الحرية في تكييفه بما يتناسب مع طبيعة عملها، بشرط أن تلتزم بالمبادئ الأساسية للشفافية والنزاهة. ويعتبر إصدار هذا الدليل خطوة نوعية تعكس حرص «نزاهة» على متابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد 2019-2024، والتي تهدف إلى وضع الأطر التشريعية والتنظيمية اللازمة لتعزيز الشفافية والمساءلة في الجهات الحكومية، وضمان تحقيق الإدارة الرشيدة لموارد الدولة، كما يستند الدليل إلى المادة الخامسة من القانون رقم 12 لسنة 2020 في شأن حق الاطلاع على المعلومات، الذي يلزم الجهات الحكومية بنشر المعلومات المتاحة للجمهور، بما في ذلك القوانين واللوائح والسياسات العامة والمشروعات والبرامج التي تقوم بها كل جهة، وهو ما يعزز ثقة المجتمع في أداء المؤسسات الحكومية ويجعل المواطنين أكثر اطلاعاً على آليات عملها وأدائها السنوي.
الدليل الإرشادي
ويهدف الدليل الإرشادي إلى تحقيق أهداف جوهرية عدة، في مقدمتها تعزيز مبدأ الشفافية من خلال إتاحة المعلومات للجمهور بشكل واضح ودقيق، وهو ما يسهم في تحسين جودة الأداء الحكومي عبر تقييم الإنجازات والتحديات التي تواجه الجهات المختلفة، إضافة إلى توفير إطار مرجعي موحد لجميع المؤسسات الحكومية يساعدها في إعداد تقارير سنوية أكثر دقة ومصداقية، كما يسعى الدليل إلى ربط هذه التقارير بأهداف رؤية الكويت 2035، بما يضمن أن تكون السياسات الحكومية متوافقة مع التوجهات الاستراتيجية للدولة، ويجعل التقارير أداة قياس فعالة لمستوى التقدم المحقق في المشاريع والمبادرات الوطنية.
ويتضمن الدليل مجموعة من الأقسام التي تشكل الإطار العام للتقرير السنوي، بدءا بالقسم التمهيدي الذي يتضمن تقديماً عاماً من أعلى سلطة إدارية في الجهة الحكومية، يوضح فيه الأهداف العامة للتقرير وما يتضمنه من معلومات أساسية حول أداء المؤسسة، كما يشمل هذا القسم قائمة بالمصطلحات والاختصارات المستخدمة في التقرير، وذلك لضمان وضوح المعلومات للقراء. ويتضمن أيضاً جدول محتويات يساعد في تقديم عرض شامل لمكونات التقرير، بالإضافة إلى الملخص التنفيذي، الذي يوفر نظرة عامة عن أداء الجهة الحكومية خلال السنة المالية المنقضية، ويسلط الضوء على الإنجازات التي حققتها، والتحديات التي واجهتها، والمقترحات المطروحة لتحسين الأداء في المستقبل.
التقرير التفصيلي
أما القسم الثاني من التقرير فهو التقرير التفصيلي، الذي يعد الجزء الأكثر أهمية، حيث يقدم تحليلاً دقيقاً وشاملاً لأداء الجهة الحكومية خلال العام المالي، ويركز على تقديم مقدمة تعريفية بأهداف الجهة الحكومية ودورها الاستراتيجي، إضافة إلى استعراض الرؤية والرسالة التي تعتمدها، والأهداف الاستراتيجية التي تعمل على تحقيقها، والقيم المؤسسية التي تحكم عملها، كما يتناول هذا القسم مدى التزام الجهة الحكومية بتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية، مثل رؤية الكويت 2035 والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، إضافة إلى مدى التزامها بتنفيذ الاتفاقيات الدولية التي وقعتها الكويت.
ويتضمن التقرير التفصيلي أيضاً تحليلاً لمؤشرات الأداء الرئيسية الخاصة بالجهة الحكومية، سواء تلك المرتبطة بالخطط الاستراتيجية أو المؤشرات الدولية التي تصدرها منظمات عالمية، بحيث يمكن قياس مدى تقدم دولة الكويت في هذه المؤشرات وتحديد الجوانب التي تحتاج إلى تطوير، كما يستعرض هذا القسم المشاريع والمبادرات التي نفذتها الجهة الحكومية، مع تقديم تقييم شامل لمدى تحقيق الأهداف المرجوة منها، وبيان التحديات التي واجهتها، والتوصيات التي يمكن اتباعها لتحسين الأداء في المستقبل.
توثيق الأعمال
ويخصص التقرير كذلك قسماً مهماً لتوثيق الأعمال والإنجازات التي حققتها الجهة الحكومية خلال السنة المالية المنقضية، مع تقديم تفاصيل دقيقة حول المشاريع التي تم تنفيذها، والمشاريع التي لا تزال قيد الإنجاز، وأسباب التأخير في تنفيذ بعض المبادرات، كما يشمل هذا القسم استعراضًا للمشاركات الدولية للجهة الحكومية، والأنشطة الاجتماعية، والفعاليات التي نظمتها أو شاركت فيها، إضافة إلى توثيق الجوائز والتكريمات التي حصلت عليها، وفي حال كانت الجهة الحكومية مسؤولة عن الرقابة على جهات أخرى، فإن التقرير يجب أن يتضمن معلومات عن القضايا الرقابية التي تعاملت معها، والنتائج التي تم تحقيقها.
ومن بين الجوانب المهمة التي يتناولها التقرير، قسم خاص بتحليل الفرص المتاحة التي يمكن أن تستفيد منها الجهة الحكومية لتحقيق رؤيتها المستقبلية، مع استعراض العوامل الداعمة لهذه الفرص والموارد المطلوبة لتنفيذها، وكذلك تحليل العوائق التي تعرقل تنفيذ الخطط الاستراتيجية، ويشمل هذا القسم أيضاً مقترحات لتحسين الأداء الحكومي، سواء من خلال تطوير الإجراءات الإدارية، أو تحسين الخدمات العامة، أو رفع كفاءة التشغيل، أو تطوير الكوادر الوظيفية، أو حتى ترشيد المصروفات بما يحقق كفاءة الإنفاق الحكومي.
معلومات أساسية
ويتناول التقرير كذلك معلومات أساسية عن الجهة الحكومية، من بينها الهيكل التنظيمي، والتغيرات الإدارية التي طرأت عليه مقارنة بالسنة السابقة، إضافة إلى بيانات القوى العاملة، مثل العدد والجنسية والتخصصات الأكاديمية، وكذلك تحليل للميزانية العامة للجهة، من حيث النفقات الفعلية مقارنة بالاعتمادات المقررة، وحجم الإيرادات التي حققتها خلال العام المالي المنقضي، فضلاً عن استعراض لعقود المشروعات التي أبرمتها الجهة، وتكاليف هذه المشروعات، ونسبة الإنجاز فيها، والمباني التي تستخدمها المؤسسة، ومدى مساهمة القطاع الخاص في دعم أنشطتها.
كما يتضمن التقرير قسماً مخصصاً لموضوع الاستدامة، حيث يتعين على الجهات الحكومية أن تقدم تقريراً عن مدى التزامها بأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، خاصة في ما يتعلق بالمجالات البيئية والمجتمعية والحوكمة، ومدى توافق أدائها مع المعايير الدولية لإعداد التقارير، ويُختتم التقرير بقسم الخاتمة، الذي يستعرض أبرز النقاط الرئيسية التي وردت في التقرير، وتحليل للعوامل التي ساهمت في تحقيق النجاح أو التي أدت إلى تعثر بعض المشروعات، إضافة إلى تحديد المستهدفات الرئيسية التي تسعى الجهة الحكومية إلى تحقيقها خلال السنة المالية القادمة.
التنمية المستدامة
أكدت «نزاهة» ضرورة أن يتضمن التقرير السنوي ما يعكس التزام الجهة الحكومية «إن وجد» نحو تنفيذ أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة البيئة - المجتمع - الحوكمة مع مراعاة معايير المبادرة العالمية لإعداد التقارير (GRI).
8 نقاط رئيسية في إعداد التقارير الحكومية
1 - الهيكل التنظيمي للجهة الحكومية مع إيضاح أي تغيرات إدارية بالمقارنة بالعام السابق مع بيان حالة اعتماد الهيكل التنظيمي.
2 - بيان يوضح القوى العاملة بالجهة من حيث العدد والجنسية والجنس والمؤهل والتخصص وبيان الوظائف الشاغرة في نهاية العام المالي مع بيان التغيرات التاريخية لهذه البيانات ويفضل إضافة رسومات بيانية.
3 - موجز اعتمادات الميزانية والمنصرف الفعلي حسب أبواب الميزانية.
4 - موجز إيرادات الجهة التقديرية مقارنة بالإيرادات الفعلية.
5 - عقود المشروعات الموقعة وموضوعاتها وتكاليفها ومقدار الاعتماد الوارد بالميزانية لكل مشروع وما أنجز خلال السنة محل التقرير ونسبته.
6 - المباني المخصصة للجهة الحكومية.
7 - مساهمة القطاع الخاص في تمويل الجهة الحكومية (إن وجد).
8 - أي معلومات أخرى قد تكون ذات أهمية في تحديد وضع الجهة الحكومية.
4 أحكام عامة
1 - أن تكون لغة التقرير بسيطة وواضحة وسهلة الفهم والبعد عن المصطلحات المعقدة.
2 - أن تكون محتويات التقرير منطقية من حيث دقة المعلومات وحداثتها ومصداقيتها.
3 - يفضل أن ينشر التقرير السنوي للجهة الحكومية خلال الثلاثة أشهر الأولى من السنة المالية التالية لسنة التقرير.
4 - هذا الدليل يعتبر استرشادياً ولكل جهة حكومية تطبيقه على الوجه الذي تراه مناسباً وفقاً لطبيعة عملها بما لا يخل بأهداف تعزيز النزاهة والشفافية وحق المواطن في الاطلاع على المعلومات.
«وسيلة فعالة» لمتابعة أداء الجهات الحكومية
أكدت مصادر مسؤولة لـ«الراي» أن هذا الدليل يمثل خطوة جديدة نحو تعزيز الشفافية والمساءلة في العمل الحكومي، حيث يمنح الجمهور وسيلة فعالة لمتابعة أداء الجهات الحكومية، كما يعزز دور المواطنين في الرقابة المجتمعية، ويجعل المؤسسات العامة أكثر التزاماً بتحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة، كما أنه يساعد في بناء بيئة إدارية أكثر كفاءة، تساهم في تحسين الخدمات العامة، وضمان حسن إدارة الموارد المالية للدولة، بما يحقق التنمية المستدامة وفق رؤية الكويت 2035.
0 تعليق