في منطقة صنهاجة الريفية شمال غرب تونس العاصمة، وبين مزارع الزيتون التي تحيط بورشة ياسين الخليفي، يدوي صوت آلة تدوير بقايا الزيتون، حيث تُحوَّل المخلفات إلى مصدر طاقة حيوي، في بلد يعتمد بشكل كبير على استيراد الغاز والنفط.
ياسين الخليفي، البالغ من العمر 36 عامًا، هو صاحب شركة “بيوهيت” الناشئة، التي أسسها في عام 2022 وتعد الأولى من نوعها في تونس. يقول الخليفي: “نحوّل النفايات العضوية المهملة إلى طاقة، ونحقق أرباحًا في الوقت نفسه”.
يضع الخليفي على كف يده بقايا “الفيتورة”، وهي عجينة الزيتون المتبقية بعد عملية العصر، ويعبر بفخر عن نجاحه في تحويل مادة كانت تُعتبر نفايات بلا قيمة إلى مصدر للثروة.
لطالما استخدمت الأسر الريفية في تونس “الفيتورة” لإشعال النار في الحمامات التقليدية أو للطهي، كما كانت تُستخدم كعلف للحيوانات. إلا أن تراكم كميات كبيرة منها في الطبيعة يؤدي إلى تلوث التربة.
أخبار تهمك
مفتي صيدا يعتذر عن استقبال المهنئين بالعيد بسبب العدوان الإسرائيلي
كسوف جزئي للشمس يزين سماء نصف الكرة الشمالي السبت
مخلفات الزيتون
وتعد تونس من بين أكبر خمس دول منتجة لزيت الزيتون في العالم، حيث يُتوقع أن يصل الإنتاج إلى 340 ألف طن في عام 2025، ما سيخلف حوالي 600 ألف طن من بقايا “الفيتورة”.
نشأ ياسين في بيئة زراعية، وبدأ منذ عام 2018 يفكر جديًا في تحويل “الفيتورة” إلى مصدر طاقة. وبعد عدة محاولات وتجارب ذاتية، تمكن من تطوير آلة تحول هذه المادة إلى قوالب أسطوانية تُستخدم للتدفئة والطهي.
تتميز هذه القوالب بنسبة رطوبة منخفضة تصل إلى 8%، ما يجعلها أقل تلويثًا للبيئة مقارنة بالحطب. ويستغرق تجفيفها حوالي 30 يومًا تحت أشعة الشمس قبل تعبئتها وتوزيعها.
نجحت “بيوهيت” في تسويق القوالب على المستوى المحلي والدولي، حيث تُصدر 60% من إنتاجها إلى فرنسا وكندا. ويستخدم بعض أصحاب المطاعم وبيوت الضيافة هذه القوالب كبديل للحطب، نظرًا لكونها طاقة نظيفة وأكثر اقتصادية.
واجه الخليفي تحديات عديدة أبرزها نقص التمويل وصعوبة الحصول على قروض ميسرة، ما دفعه للاعتماد على دعم أفراد عائلته. ورغم ذلك، استطاع أن يحقق نجاحًا ملموسًا ويُشغل نحو 10 عمال في مشروعه.
يطمح الخليفي لأن تسهم تجربته في تعزيز التحول نحو الطاقة النظيفة في تونس، وتقليل الاعتماد على استيراد الوقود التقليدي، في ظل ارتفاع تكاليف الطاقة التي تثقل كاهل الاقتصاد الوطني.
0 تعليق