الفنانة د. مريم الحميد في حوار لـ «العرب»: البيئة القطرية مصدر إلهام

العربية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 مشاريعي تربط الحداثة بالجذور..ووالدي علمني الالتزام والإيمان بقوة الفن كوسيلة للتعبير
وعي قطري متزايد بأهمية التصميم في جعل قطر مركزا للإبداع والثقافة
المصممون الشباب يعيدون قراءة التراث بطريقة نقدية وابتكارية حاليا

 

أكدت الفنانة والمصممة القطرية الدكتورة مريم يوسف الحميد عضو هيئة تدريس في كلية التصميم بجامعة فرجينيا كومنولث في قطر ـ أن البيئة القطرية - بما فيها من تناقضات بين التراث والحداثة - تمنح المصمم أرضية خصبة للإبداع، ومصدر الإلهام.
وقالت في حوار مع»العرب» إن هناك اهتماما بأعمال كثير من المصممين القطريين، وأن التصميم القطري يتميز بهويته البصرية الملموسة، ولكن غير الصاخبة، وهذا ما يمنحه طابعا خاصا.
وأضافت مريم، وهي ابنة الفنان الكبير يوسف أحمد، إنها سعيدة باختيار جاليري المرخية لأعمالها للمشاركة في النسخة الأولى من أسبوع فن الرياض الذي يقام في الفترة من 6- 13 ابريل الجاري تحت شعار «على مشارف الأفق» وهذه المشاركة فرصة ثمينة للتفاعل مع مشهد فني خليجي وعربي نابض بالحياة، ومليء بالتجارب المتنوعة والرؤى الجديدة، مؤكدة أن والدها الفنان يوسف أحمد كان ولا يزال مصدر إلهام كبير، ليس فقط من الناحية الفنية، بل من حيث الالتزام والإيمان بقوة الفن كوسيلة للتعبير والتغيير.
كما أكدت أنه على الرغم من التحديات فإن مستقبل التصميم واعد في قطر في ظل الجهود التي تبذلها متاحف قطر، موضحة أن أنواع من التصميم بحاجة إلى الاهتمام مثل التصميم البيئي، وتصميم الأنظمة، وحتى التصميم القائم على البيانات، حيث لا تزال غير مستكشفة بالشكل الكافي وتحتاج إلى اهتمام أكبر وإلى تفاصيل الحوار...
◆ بداية نود التعرف على مشاركتك في أسبوع فن الرياض؟ وكيف تضيف إليك مثل هذه المشاركات الخارجية؟.
¶ بداية، أود أن أتقدم بالشكر لجاليري المرخية على دعوتهم الكريمة لتمثيلهم في هذا الحدث الفني المميز، مشاركتي في أسبوع فن الرياض تعد تجربة غنية وملهمة بالنسبة لي، فهي تتيح لي فرصة ثمينة للتفاعل مع مشهد فني خليجي وعربي نابض بالحياة، ومليء بالتجارب المتنوعة والرؤى الجديدة. مثل هذه المشاركات توسع من آفاقي المهنية والشخصية، وتفتح لي مجالات للتبادل الثقافي والتفاعل مع جمهور مختلف، مما يثري ممارستي الفنية و يدفعني للتفكير خارج حدود السياق المحلي.

◆ لو أردنا أن نذهب إلى البدايات والتأثيرات الفنية، كيف تصفين رحلتك في عالم الإبداع التصميمي، وما اللحظة التي شعرت فيها بأنكِ وجدت شغفك الحقيقي في هذا المجال؟
¶ لم تكن هناك لحظة إدراك محددة، فالفن والتصميم كانا جزءًا من كياني منذ البداية. نشأت في بيئة يحيط بها الإبداع، وكان مرسم والدي هو مساحة لعبي وفضاء خيالي، لذلك كان من الطبيعي جدا أن أسلك هذا الطريق. أشعر وكأنني ولدت لأقوم بما أفعله اليوم. والآن، بالإضافة إلى كوني فنانة ومصممة، أعمل أيضا كأكاديمية أدرس في جامعة فرجينيا كومنولث في قطر، وأؤمن بأن رسالتي في الحياة هي توظيف شغفي لتوعية الجيل القادم من الفنانين والمصممين المحليين والإقليميين بقوة الفن والتصميم وقدرتهما على إحداث التغيير.

◆ بحكم نشأتك في عائلة فنية، هل كان هناك تأثير مباشر من والدك الفنان يوسف أحمد أو من أعمال الأجداد الحرفية على أسلوبك الفني؟
¶ بكل تأكيد. والدي كان ولا يزال مصدر إلهام كبير لي، ليس فقط من الناحية الفنية، بل من حيث الالتزام والإيمان بقوة الفن كوسيلة للتعبير والتغيير. أيضا الحرف التقليدية التي نشأت على رؤيتها - من منسوجات إلى أعمال يدوية - غرست في احترامًا عميقًا للمواد والعمليات، وهذا يظهر في مشاريعي التي تجمع بين الحداثة والجذور.
 
◆ ولماذا كان التصميم الإبداعي في المنسوجات تحديدا؟
¶ المنسوجات تحمل ذاكرة بصرية وملموسة، فهي تُلامس الجسد والمكان وتروي قصصا صامتة عبر الخيوط والألوان. أحب هذا البعد الحسي في العمل مع الأقمشة، وكيف يمكن من خلالها خلق جسور بين الحرف والتكنولوجيا، بين الماضي والمستقبل.
 
◆ درست في جامعة فرجينيا كومنولث في قطر، كيف ساهمت البيئة التعليمية في تشكيل رؤيتك كمصممة متعددة التخصصات؟
¶ كانت البيئة في فرجينيا كومنولث في قطر محفّزة للتجريب، ولتجاوز الحدود بين التخصصات..كان هناك تركيز دائم على البحث، وعلى التفكير النقدي، مما ساعدني في بناء شخصية تصميمية مرنة وغير نمطية. كما أن الاحتكاك اليومي بزملاء من خلفيات ثقافية متعدّدة وسع أفقي بشكل كبير.

◆ برأيك، ما الدور الذي يلعبه التصميم في إبراز الهوية القطرية على المستوى العالمي؟
¶ التصميم هو لغة بصرية قوية، يستطيع أن يعبر عن هوية أي بلد بطريقة معاصرة ومبتكرة. بالنسبة لقطر، لدينا إرث غني جدا، وإذا تم توظيفه بحرفية ووعي، فسيكون التصميم أداة حيوية في صياغة صورة ثقافية حديثة تعبر عنا أمام العالم.

◆ كيف ترين انعكاس البيئة القطرية في أعمال المصممين القطريين، وهل هناك سمات خاصة تميز التصميم القطري عن غيره؟
¶ أعتقد أن البيئة القطرية - بما فيها من تناقضات بين التراث والحداثة - تمنح المصمم أرضية خصبة للإبداع. نرى في أعمال كثير من المصممين القطريين اهتماما بالتفاصيل، وبالرموز الثقافية، مع توجه متزايد لاستخدام المواد المحلية والتقنيات المعاصرة. التصميم القطري يتميز بهويته البصرية الملموسة ولكن غير الصاخبة، وهذا ما يمنحه طابعا خاصا.

◆ هل تعتقدين وجود فجوة بين التصميم المعاصر والتراث القطري، أم أن هناك محاولات ناجحة للجمع بينهما؟
¶ كانت هناك فجوة في فترة من الفترات، ولكن حاليًا أرى محاولات جادة وناجحة لسدّ هذه الفجوة. الكثير من المصممين الشباب اليوم يعيدون قراءة التراث بطريقة نقدية وابتكارية، وهذا مهم جدًا للحفاظ على الروح دون الوقوع في التكرار.

◆ كيف يمكن للمصمم القطري أن يبدع في التعبير عن التراث بطريقة مبتكرة دون الوقوع في التكرار أو النمطية؟
¶ عبر الفهم العميق للتراث، وليس فقط الاقتباس منه بصريا. علينا تفكيك الرموز، والبحث في الوظائف والسياقات، ثم إعادة صياغتها بما يتماشى مع الحاضر. الابتكار لا يعني الانفصال عن الماضي، بل إعادة تفسيره بعيون جديدة.

◆ هل لديك أعمال أو مشاريع حاولت من خلالها إعادة تفسير رموز الثقافة القطرية بأسلوب حديث؟
¶ نعم، لدي عدة مشاريع حاولت فيها استكشاف الرموز المرتبطة بالمكان، من خلال التطريز أو الطباعة ثلاثية الأبعاد أو استخدام تقنيات حديثة في صياغة مفاهيم تراثية.
 
◆ مع استضافة الدوحة لفعاليات تصميم عالمية، هل تعتقدين أن هناك تحولا في نظرة المجتمع القطري للتصميم وأهميته؟
¶ بلا شك. هناك وعي متزايد بأهمية التصميم كأداة استراتيجية، وليس فقط جمالية. بات الناس أكثر إدراكًا لدور التصميم في حياتهم اليومية، وفي بناء صورة قطر كمركز للإبداع والثقافة.

◆ ما التحديات التي تواجه المصممين في قطر اليوم، سواء على المستوى الفني أو الاقتصادي من وجهة نظرك الأكاديمية؟
¶ أهم التحديات تكمن في محدودية فرص الإنتاج، وغياب الصناعات الداعمة للمشاريع التصميمية...
◆ هل تعتقدين أن دعم الدولة والجهات الثقافية للمصممين في قطر كاف، أم أن هناك مجالات بحاجة إلى تطوير خاصة مع اتساع جهود متاحف قطر في هذا الشأن؟
¶ هناك جهود واضحة ومشاريع ملهمة بالفعل، خصوصًا من متاحف قطر. لكن ما زال هناك مجال لتوسيع الدعم، خصوصا فيما يتعلق بتمويل المشاريع المستقلة، وتوفير مساحات إنتاجية للمصممين، وتمكينهم من الوصول إلى الأسواق العالمية..
 
◆ كيف يمكن ربط التصميم القطري بالصناعات الإبداعية عالميًا، وما الخطوات التي يجب اتخاذها لتحقيق ذلك؟
¶ من المهم بناء شراكات دولية حقيقية، وإشراك المصممين القطريين في منصات دولية، مع التركيز على رواية القصص الثقافية من خلال التصميم. يجب أيضا الاستثمار في التعليم المستمر، والبحث، والبنية التحتية للصناعات الصغيرة المرتبطة بالتصميم.

◆ كونك مصممة متعددة التخصصات، كيف تجمعين بين مختلف الاتجاهات الفنية في أعمالك؟
¶ أنا أؤمن بأن الفكرة هي المحرك، وليس التخصص. أبدأ من البحث، ثم أختار الوسيط أو اللغة التي تخدم المشروع. أتنقل بين التصميم الجرافيكي وتصميم المنتجات، والفنون البصرية، حسب الحاجة. هذا يعطيني حرية أكبر في التعبير، ويفتح لي أبوابا غير متوقعة.

◆ ما أهمية التجريب والاستكشاف في التصميم بالنسبة لك، وكيف يؤثر ذلك على إنتاجك الفني؟
¶ التجريب بالنسبة لي هو جوهر العملية الإبداعية. لا أؤمن بالحلول الجاهزة أو المسارات المتوقعة. أعتبر كل مشروع مختبرا، أكتشف فيه شيئًا جديدًا عن نفسي، وعن المواد، وعن السياق. هذا ما يجعل التصميم حيا ومتجددا.
 
◆ هل تجدين أن التكنولوجيا والتقنيات الحديثة تفتح آفاقا جديدة للمصممين القطريين، أم أنها قد تشكل تحديًا بسبب ارتباط التصميم بالهوية المحلية؟
¶ هي بلا شك تفتح آفاقًا، لكن التحدي يكمن في استخدامها بوعي. يجب أن نخضع التقنية للفكرة، لا أن نخضع الفكرة للتقنية. حين نستخدم الأدوات الحديثة لخدمة رؤيتنا الثقافية، تتحول إلى وسيلة تمكين وليست تهديدًا.
 
◆ هل لديك مشاريع قادمة تعكس رؤيتك كمصممة قطرية؟ وما الجديد الذي تعملين عليه حاليا؟
¶ نعم، أعمل حاليًا على مشروع يدمج بين تقنيات التصنيع الرقمية والمنسوجات التقليدية، في محاولة لخلق جسور بين الحرفيين المحليين والمجتمع التكنولوجي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق