أفاد بنك الكويت الوطني ان الأسواق المالية شهدت تقلبات حادة خلال الأسبوع الماضي على خلفية تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، الأمر الذي أسفر عن تحركات حادة في أسعار العملات والأسهم والسلع. من جهة أخرى، انخفض الدولار الأمريكي بشكل ملحوظ، إذ تراجع مؤشر الدولار إلى ما دون مستوى 100 لأول مرة منذ يوليو 2023. في المقابل، اتجه المستثمرون نحو عملات الملاذ الآمن مثل الفرنك السويسري والين الياباني، والتي سجلت مكاسب ملحوظة.
واوضح البنك في تقريره حول اسواق النقد ان أسواق الأسهم الأمريكية، فقد شهدت تقلبات حادة، إذ ساهم التفاؤل الأولي الذي أعقب إعلان الرئيس ترامب تعليق التعريفات الجمركية لمدة 90 يوماً في دفع مؤشري ستاندرد أند بورز 500 وناسداك إلى مستويات تاريخية، إلا أن هذه المكاسب سرعان ما اتخذت اتجاهاً معاكساً في اليوم التالي مع عودة حالة عدم اليقين تجاه السياسات التجارية في ذات الوقت، سجلت أسعار الذهب ارتفاعاً ملحوظا، متجاوزة 3,200 دولار للأونصة، محققة بذلك أرقاماً قياسية جديدة. وكان لهذا الارتفاع دوراً كبيراً في زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن، في ظل ضعف الدولار وتزايد المخاوف من حدوث ركود اقتصادي.
وكشف محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في مارس الماضي، أن أعضاء الاحتياطي الفيدرالي يتوقعون تأثيرات سلبية من السياسات التجارية الأمريكية، مما سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم هذا العام. وأعرب الأعضاء عن قلقهم من أن استمرار التضخم، إلى جانب تراجع آفاق النمو وسوق العمل، قد يعقد اتخاذ قرارات السياسة النقدية في المستقبل. وفي ضوء حالة عدم اليقين الاقتصادي الراهنة، اتفق الأعضاء على أن إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير يعد الخيار الأنسب في الوقت الحالي. كما قرر الفيدرالي إبطاء وتيرة التشديد الكمي بشكل ملحوظ، وذلك على الرغم من ابداء بعض الأعضاء شكوكهم حيال فعالية هذه الخطوة، وفي ذات الوقت، تقوم الأسواق بتسعير خفض سعر الفائدة بنحو ثلاث مرات، بإجمالي 81 نقطة أساس، قبل نهاية العام الحالي.
وشهد التضخم في الولايات المتحدة تراجعاً ملحوظاً في مارس، إذ انخفض مؤشر أسعار المستهلكين السنوي إلى 2.4%، مقابل 2.8% في فبراير، في حين انخفضت الأسعار على أساس شهري لأول مرة منذ مايو 2020. بالإضافة إلى ذلك، تباطأ معدل التضخم الأساسي إلى 2.8%، مسجلاً بذلك أدنى مستوياته منذ نحو أربعة أعوام. وفي الوقت الذي يعد فيه هذا التراجع تطوراً إيجابياً للاحتياطي الفيدرالي، يحذر الاقتصاديون من أن التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب قد تؤدي إلى عكس هذا الاتجاه، مما يضغط على الأسعار للارتفاع مجدداً.
وقام الرئيس ترامب يوم الأربعاء الماضي بتخفيف موقفه بشأن التعريفات التجارية، معلناً تعليق معظم الرسوم الجديدة لمدة 90 يوماً، باستثناء تلك التي تستهدف الصين. وقد أسفرت هذه الأخبار عن تسجيل أسواق الأسهم الأمريكية لمكاسب قياسية، إذ ارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 12%، مسجلاً بذلك أفضل أداء له منذ 24 عاماً، في حين قفز مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 9.5%، في أكبر ارتفاع له منذ العام 2008. كما ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 7.9%، مسجلاً أكبر زيادة له منذ العام 2020، ووصلت مكاسبه إلى مستوى تاريخي بلغ 2,963 نقطة. إلا أن الصين صعدت نزاعها التجاري مع الولايات المتحدة يوم الجمعة وقامت بزيادة الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية من 84% إلى 125%، رداً على زيادات متبادلة في الرسوم الجمركية من قبل الرئيس ترامب. وقد انتقدت وزارة المالية الصينية المزيد من الزيادات الجمركية الأميركية، معتبرة إياها غير منطقية اقتصادياً، ومحذرة من أنها ستؤدي إلى تقليص الطلب على الواردات الأميركية في الصين. وعلى الرغم من تصاعد التوترات، مع وصول معدل التعريفة الجمركية الأمريكية الآن إلى 145%، إلا أن الصين أعلنت أنها ستتجاهل أي زيادات أخرى، مع تأكيد استعدادها لإجراء مفاوضات بشرط أن تكون الشروط عادلة.
وأدى التبادل الانتقامي المستمر إلى زيادة تقلبات السوق العالمية، إذ أنهت أسواق الأسهم الأمريكية تداولاتها في المنطقة الحمراء بعد 24 ساعة فقط من جلسة تداول قياسية. وفي سياق متصل، انخفض مؤشر الدولار الأميركي إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ نحو ثلاثة أعوام، متراجعاً دون حاجز الـ 100 نقطة، في ظل استمرار العملات الرئيسية الأخرى في تحقيق المكاسب وسط حالة من عدم اليقين بشأن التجارة العالمية، في حين اتجهت الاستثمارات نحو عملات وسلع الملاذ الآمن، مثل الفرنك السويسري والذهب ، وأنهى الدولار الأمريكي تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 99.78.
0 تعليق