قلنا أمس إن "باب النجار مخلع"، وهذا ينطبق على جملة قطاعات، أهمها الكهرباء، ففي دولة مشمسة طوال أيام السنة، لا تستفيد من هذه الطاقة في توليدها، بينما تحرق يومياً آلاف براميل النفط الخام لهذا الغرض، ورغم ذلك تعاني، منذ أواخر ستينيات القرن الماضي، مع كل صيف من أزمة انقطاع التيار، فهل هذا يعقل؟! أليس من الحكمة التفكر والتدبر وعدم الاستمرار في هذه الدوامة؟
فقبل كل فصل صيفي تدور عجلة الكلام عن حلول لهذه المشكلة، وندخل الطقس الحار و"أبوزيد ما غزا" ونبقى على "طمام المرحوم"، فمرة تكون الحجة تدخُّل النواب وأصحاب المصالح والمتنفذين، وأحياناً لعدم استقرار المنصب الوزاري، وكأن الوزير صاحب المنصب السياسي هو من "يولع الكهرباء" و"يشب الليت".
أما الجيش العرمرم في وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة فليس له أي دور، أو هو دائماً في انتظار أمر الوزير الجديد، ورغم أنهم غيّروا اسم الوزارة، بالأحرى زادوا عليه "الطاقة المتجددة"، ومنذ سنوات، لكن لم نرَ تلك الطاقة، ولا التجدد، بل استمرار الأزمة.
صحيح أن استقرار المنصب الوزاري له دور مهم، لكنه ليس هو العلة في وزارة خدماتية معروفة مهمتها، فمنذ العام 1991 مرّ عليها 25 وزيراً، البعض لم يستقر سوى شهر أو شهرين، فهل في دول أخرى يتعطل العمل إذا تغير الشخص، أم أن هناك نظاماً راسخاً، حتى في أيام الحروب، لا تقطع الكهرباء، وتستمر أعمال الصيانة طوال الوقت، لهذا لم تنقطع الكهرباء حتى في الأزمات.
في كل العالم، من بريطانيا، إلى الولايات المتحدة، وحتى جزر القمر والبحرين وأصغر البلدان، لا ينقطع التيار، بينما هناك بعض الدول تعاني من هذه المشكلة لأسباب واضحة، منها العراق، إذ بعض الأحيان ينقطع التيار نتيجة المشكلات الأمنية، وكذلك سورية، أما في لبنان والصومال فبسبب الفساد والمحاصصة حتى في قوت الفقير والحرب العبثية، أما في الكويت فما هي المشكلة؟!
نعم، إنه سؤال مشروع لكل مواطن: لماذا تعاني البلاد من هذه الأزمة كل عام، هل بسبب المتنفذين، ونواب مجلس الأمة، اليوم انتفى ذلك، فليس هناك مجلس حتى تتحجج الوزارة به، فالأمر بيد الحكومة، تنفيذيا وتشريعيا، وليس هناك اصطدام بأي من أولئك الذين يضغطون عليها، والمناقصات في يدها، فإذا كانت الحجة في عدم استقرار المنصب، فقد حلت هذه المشكلة حاليا؟
لذا نسأل: إلى هذه الدرجة اختلط الحابل بالنابل، فلم يعد أحد من المعنيين يفكر في حل واقعي، ويسعى إلى تحقيقه، أليس هناك من يتعلم من الدول الأخرى، التي لديها شركات تدير الإنتاج والصيانة، والجباية، وأحياناً تكون لكل محافظة، ومدينة، فلماذا مثلاً لا تنقطع الكهرباء في السعودية والإمارات وقطر، أليس لأن هناك إدارة صحيحة؟
أليس في دول كثيرة، حتى الفقيرة منها، شرعت الحكومات في استخدام الطاقة الشمسية، وسهلت الإجراءات للحصول عليها، لماذا لا يكون ذلك متاحاً في الكويت، للجميع من أصحاب القصور والعمارات الكبيرة وحتى البيوت الصغيرة، للحصول على الطاقة المجانية، للإنارة، وكذلك تسخين المياه، وبعضها تستخدمها لتشغيل مكيفات الهواء، وتوفير حرق النفط الخام والغاز وتصديره؟
ببساطة، إن الأمر يحتاج إلى إرادة، وقرار، وبعض الحصافة في التعامل مع مشكلة مزمنة، لذا نكرر القول مرة أخرى: انظروا إلى دول الجوار، وأوروبا، وحتى أفريقيا كيف حلتها، فقد قيل قديماً "رأسمالك علمك وعدوك هو جهلك"، والتعلم من الآخرين ليس عيباً.
- أحمد الجارالله
0 تعليق