دون الدخول في تفاصيل معقدة تعتبر مسألة سحب الجنسية قضية حساسة وشائكة ومتعددة الأطراف وذات أبعاد اجتماعية، واقتصادية، وسياسية عميقة حيث افرزت العديد من الآثارالمتعددة لكثير من السيدات زوجات وامهات سحبت جنسياتهن بموجب المادة الثامنة من قانون الجنسية.
فمن الناحية المباشرة، ربما تلقي هذه الاشكالية بظلال سلبية على الاستقرار المالي للأفراد الذين فقدوا جنسيتهم، فهؤلاء يواجهون تحديات كبيرة في هذا الشأن، منها ما يتعلق بفقدان وظيفتهم، وتوقف صرف رواتبهم والمعاشات التقاعدية، فجميع المتقاعدات اللواتي سحبت منهن الجنسية لم تصرف رواتبهن.
اما الاثار غير المباشرة فقد احدثت فوارق مختلفة باتت واضحة للعيان بين العوائل الكويتية لاسيما الصغيرة منها، المعتمدة على دخل الزوج والزوجة لتلبية متطلبات الحياة، وهذا ظهر واضحا مع ارتفاع قيمة الايجارات المنزلية، وصعوبة تأمين الضروريات ، لاسيما وأن الذين سحبت جنسياتهم يواجهون بعض القيود على إجراء المعاملات المالية، مما يعيق قدرتهم على إدارة أموالهم.
وهناك صعاب من نوع اخر كاستحالة الوصول إلى الخدمات، خصوصا الاساسية، كالرعاية الصحية والتعليم، لانها تتطلب في الغالب إثبات الجنسية.
ولاشك ان القرار سيؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، جراء تراجع الاستهلاك والاستثمار، وزيادة نسبة البطالة، ما يجعله يؤثر على الإنتاجية، لفقدان الخبرات والكفاءات التي طالها سحب الجنسية، وهذا يرفع معدل التوتر الاجتماعي.
استقطاب الاستثمارات
قد يؤدي سحب الجنسية لتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في الكويت، خاصة وأن الكويت تحتاج الى كل جهد لجلب الاستثمارات الأجنبية. وهذا يجعل الشركات تواجه صعوبات في استقطاب وتوظيف الكفاءات، بسبب عدم اليقين بشأن الوضع القانوني للأفراد.
فضلا عن أن سحب الجنسية بموجب المادة الثامنة له آثار اقتصادية واجتماعية بالغة الخطورة، تتجاوز الفرد لتشمل المجتمع ككل، فالزوج الكويتي الذي تمثل زوجته بمدخولها الشهري عوناً للاسرة سوف تكون عبئاً مالياً عليه، مما يؤثر على المستوى المعيشي للابناء، لهذا كان من الضروري وضع حلول لمعالجة هذه القضية بشكل عادل وشامل قبل اتخاذ مثل هذا القرار.
ولابد من وصف هذه المسألة بالمعقدة لانها ذات أبعاد قانونية واجتماعية واقتصادية متشابكة، ومن مفاعيلها التأثير على البنوك مباشرة وغير مباشرة، مما يستدعي تحليلًا دقيقًا للآثار الاقتصادية المترتبة عليها.
اذ يؤدي سحب الجنسية إلى تجميد الحسابات البنكية للأفراد المتضررين، مما يعطل حركتهم المالية، ويؤثر على قدرتهم للوصول إلى أموالهم، وهذا يضعف القدرة على تحريك الاموال.
كما، تواجه البنوك صعوبات في التحقق من هوية العملاء الذين سحبت جنسياتهم، مما يزيد من المخاطر المرتبطة بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
لاشك ان هذا قد يكبد البنوك خسائر مالية نتيجة لتعثر العملاء عن سداد القروض، أو بسبب تكاليف الإجراءات القانونية.
القطاع المصرفي
وسيؤدي سحب الجنسية إلى تقليص قاعدة عملاء البنوك، مما يؤثر على حجم الأصول والإيرادات، وهذا يؤثر سلبًا على النشاط الاقتصادي بعامة، مما ينعكس بدوره على حجم الائتمان الممنوح من البنوك، ويرفع المخاطر الائتمانية، بسبب زيادة احتمال تعثر العملاء عن سداد القروض.
وهناك ايضاً اشكالية مصرفية، وهي الالتزام بالقوانين والأنظمة، فالبنوك يفرض عليها القانون الا التزام بالاجراءات المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، مع مراعاة حقوق العملاء، وحمايتهم، خصوصا العملاء الذين سحبت جنسياتهم، مع ضمان معاملتهم بشكل عادل وشفاف.
وهذا يستلزم وضع آليات واضحة من قبل البنوك للتعامل مع الحالات التي يتم فيها سحب الجنسية، بما يضمن حماية حقوق العملاء، والتعاون مع الجهات الرقابية بشكل وثيق لايجاد حلول مشتركة لهذه التحديات.
ومن المفيد انه سيتم تلافي هذه التداعيات اقتصاديا بشكل كبير جدا في حال سرعة استجابة مجلس الوزراء للالتزام الذي وضعه على نفسه فيما يخص عدم المساس بالموارد المالية للمسحوبة جناسيهم، وفق نص المادة الثامنة من قانون الجنسية .
0 تعليق