لا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي تُعدُّ سلاحاً ذا حدين؛ فهي نعمة ونقمة في آنٍ واحد.
ورغم أن الهدف الأساسي منها هو تعزيز التواصل الاجتماعي، بما يحمله من أبعاد إيجابية تدعم التماسك المجتمعي والثقافي، إلا أنها قد تتحول معول هدم إذا أُسيء استخدامها.
إن وسائل التواصل، كغيرها من الأدوات في حياتنا، يمكن أن تكون وسيلة لبناء المجتمع أو لهدمه، وفق كيفية استخدامها. فمن جهة، تساهم هذه الوسائل في توطيد العلاقات الاجتماعية، وتعزيز الحوار وتبادل الآراء.
ومن جهة أخرى، أضحت في بعض الأحيان وسيلة للإساءة، سواء عبر تصفية الحسابات الشخصية، أو بث الفتن، أو استخداماتها لأغراض سياسية تخدم أجندات معينة، ما جعل منها حقل ألغام يتطلب الحذر في التعامل معها.
الاستخدام السياسي: من وسيلة تواصل إلى أداة هدم، من تجربتي في العمل البرلماني، لاحظت أن أحد أسوأ استخدامات وسائل التواصل هو تحويلها سلاحاً في الصراعات السياسية، بدلاً من أن تبقى وسيلة لتبادل الأفكار، وتواصل المجتمعات، أصبحت أداة لنشر الإشاعات، تشويه السمعة، وتحطيم الخصوم.
هذا الاستخدام الخاطئ حرّف وسائل التواصل عن هدفها الأساسي، وحولها أدوات هدم لا تُميز بين الحقيقة والزيف.
إن هناك فرقاً كبيراً بين استخدام وسائل التواصل للتعبير عن رأي أو نشر فكرة بنّاءة، وبين توظيفها لطمس الأفكار المعارضة، أو الإساءة إلى أصحابها، حين تتحول هذه الوسائل أداة لإقصاء الآخر، أو اغتيال فكره ومعتقده، فإنها تتحول بالفعل إلى نقمة بدلاً من نعمة.
انعكاس المجتمع وثقافته، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن لوسائل التواصل أن تحقق أهدافها بمعزل عن طبيعة المجتمع وثقافته؟
الإجابة بالتأكيد لا. فوسائل التواصل ما هي إلا انعكاس لثقافة المجتمع وتعليمه وقيمه السياسية، فالمجتمعات المتحضرة تُنتج وسائل تواصل متحضرة، والتعليم الجيد يُثمر استخداماً مسؤولاً لهذه الوسائل، والسياسة البناءة تُعزز من دورها الإيجابي.
أما إذا أصاب الوهن أي جانب من هذه الجوانب، فإن ذلك ينعكس مباشرة على كيفية استخدام وسائل التواصل.
المسؤولية الاجتماعية: ما ننشره أو نقوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي يصل إلى الجميع، داخل مجتمعناً وخارجه. لذلك، علينا أن نحرص على أن تكون هذه الوسائل مرآة تعكس قيمنا، وتقاليدنا البناءة، وأن تُظهر صورة إيجابية عن مجتمعنا.
فلنجعل من وسائل التواصل الاجتماعي أداة بناء، لا وسيلة هدم، ولنحرص على أن تكون نعمةً تعزز التماسك والتنمية، بدلاً من أن تكون نقمة تزرع الفُرقة والفتن. والله ولي التوفيق.
محام، كاتب كويتي
0 تعليق