عربي ودولي
0
حرب على الإنسانية ورُسلها..❖ غزة - محمـد الرنتيسي
في بلدة بيت لاهيا المنكوبة، التي ترزح تحت وطأة إبادة جماعية وتطهير عرقي، يتوقف قلب «كمال عدوان» عن النبض، لينهي بذلك دوره الإنساني كآخر الصروح الطبية في شمال غزة، إذ كان يقدم الخدمات الطبية لنحو 400 ألف فلسطيني.
كانت آخر رسالة وصلت من داخل مستشفى كمال عدوان بقطاع غزة «صوتية» لممرضة تعمل في المستشقى، وجهت من خلالها نداء استغاثة لكل صاحب ضمير حي في العالم، التدخل لوقف هذا الاستهداف الممنهج لآخر مركز طبي في قطاع غزة، تطاله القذائف، وتأكله النيران.
ودخلت الحرب الهستيرية على قطاع غزة، مرحلة أشد قسوة وأكثر خطورة، بالهجوم على «الإنسانية ورسلها» في مستشفى كمال عدوان، إذ أجبر جيش الاحتلال الأطباء والممرضين والمرضى والجرحى على الخروج عراة وسط البرد الشديد، وتحت تهديد السلاح، في مشاهد صادمة ومفزعة.
وعاش المرضى والطواقم الطبية على حد سواء، ليالي وصفها شهود عيان بأنها من أقسى لحظات الحرب، فيروي مدير عام المستشفى حسام أبو صفية (لحظات قبل اعتقاله) أن جيش الكيان فرض حصاراً مشدداً على المستشفى، ومن ثم أخذ يطلق الرصاص والقذائف نحوه، ما تسبب بأضرار جسيمة في مختلف الغرف والأقسام، فضلاً عن إصابة العشرات ممن كانوا في داخله، بجروح وصدمات نفسية.
وأشار أبو صفية إلى أن أياً من أقسام المستشفى لم يسلم، بما في ذلك قسم الحضانة للأطفال، مضيفاً: «أكثر ما أثار الرعب في نفوس المرضى والأطقم الطبية، زرع الروبوتات المفخخة في محيط المستشفى المكتظ، ما وضع الجميع في دائرة الخطر».
ووسط المجازر الدموية المستمرة على غزة للعام الثاني، تصر دولة الاحتلال على قتل شتى مجالات الحياة، وليس أدل على ذلك من هذه الجريمة غير المسبوقة، باستهداف آخر المستشفيات العاملة في شمال قطاع غزة، وتدمير آخر معاقل المنظومة الصحية بشكل كامل. وينقل مواطنون نزحوا في وقت سابق إلى مستشفى كمال عدوان في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، روايات صادمة تلخص حرب الإبادة والتدمير والتهجير، مشيرين إلى محاولات قتل الحياة بكافة صورها وأشكالها.
يقول قاسم أبو عجينة من بلدة بيت لاهيا، إن جيش الاحتلال يسعى لتحويل شمال غزة إلى منطقة عازلة، بعد تهجير السكان، تحت وطأة قصف عنيف، ومنع إدخال الغذاء والماء والدواء، منوهاً إلى مجازر ارتكبت في محيط المستشفى وأوقعت العشرات من الشهداء.
ويواصل: «يئن المستشفى تحت حصار شامل منذ أسبوع، الدبابات تتقدم نحوه وتعيد تموضعها على مقربة منه، والطائرات المسيّرة لا تغادر الأجواء، وعشية حرق المستشفى، عشنا ليلة دامية، راح ضحيتها أكثر من 50 فلسطينياً، بينهم كوادر طبية ومرضى ونازحون».
ولفت إلى نقل ما يربو على 350 شخصاً، ممن كانوا بداخل المستشفى إلى ساحة مدرسة الفاخورة المجاورة، بينهم مرضى ومرافقون وأطباء وممرضون، قبل حرق المستشفى في ساعة متأخرة.
اقرأ المزيد
مساحة إعلانية
0 تعليق