من بين الألغاز التي أحاطت بحياة الفنان أحمد عدوية، تبرز أغنيته الشهيرة "يا بنت السلطان" كأحد أكثر الألحان التي ارتبطت بمعاني رمزية عميقة، والتي قدمها بأحاسيس طاغية، لامست قلوب محبيه من مختلف الطبقات الاجتماعية.
وكلمات الأغنية "يا بنت السلطان، حني على الغلبان، ده المية في إيديكي، وعدوية عطشان"، وصُورت في ذهن المستمعين بمثابة قصة حب غير متكافئة بين الشاب الفقير والفتاة الغنية، فهي تنطوي على رسالة عميقة حول الفوارق الطبقية التي سادت المجتمع المصري في تلك الفترة.
وتُعد الأغنية مثالًا فنيًا لمغني شعبي يعبر عن واقع اجتماعي عبر إيقاعات شعبية مألوفة، فـ"عدوية" كان في الأغنية بمثابة المواطن البسيط الذي يعبر عن مشاعره تجاه "بنت السلطان"، وهي الفتاة الغنية التي يبدو أن حياتها بيدها، ولكنها تتجاهله.
وتلك الأغنية، التي عبرت عن الفجوة بين طبقات المجتمع المصري، تعكس صورة حية لما كان يجري على الأرض بين أحياء بسيطة مثل كوبري عباس في القاهرة والجيزة، وبين أحياء أخرى راقية مثل مصر الجديدة التي كانت موطنًا للطبقات الثرية.
ماذا تعني "بنت السلطان"؟
ومع ذلك، لا يبدو أن الأمر اقتصر على تفسير الأغنية على أنها مجرد رمز اجتماعي، لأن بعض المحللين اعتقدوا أن الأغنية كانت تحمل في طياتها بعدًا عاطفيًا أكثر من كونه سياسيًا أو اجتماعيًا، فحسب الروايات المتداولة في الوسط الفني، يُقال إن الأغنية لم تكن موجهة بالضرورة إلى معاناة الطبقات الاجتماعية، بل كانت رسالة موجهة إلى إحدى بنات الأسر الحاكمة في الخليج، حيث اختار "عدوية" كلمات الأغنية لمداعبة مشاعرها، وهي امرأة من عائلة مرموقة في إحدى دول الخليج، في إشارة ضمنية إلى علاقة رومانسية أو إعجاب شخصي.
هل كانت "بنت السلطان" شخصية حقيقية؟
وهنا تبرز بعض الأسئلة المثيرة حول المغزى الحقيقي للأغنية: هل غضبت أسرة "بنت السلطان" عندما سمعت الأغنية؟ وهل اعتبرت أن المطرب الشعبي تجاوز حدوده؟ البعض ذهب إلى حد الادعاء بأن ما تعرض له عدوية من انتقادات كان نتيجة محاولته التعدي على ما يُعتقد أنه "حدود" الطبقات العليا، وهو ما دفع بعض المصادر في الوسط الفني إلى التكهن بأن الحملة ضد "عدوية" لم تكن سوى محاولة لتشويه صورته وإضعاف مكانته الفنية.
الرواية الحقيقية وراء الأغنية
ورغم هذه التفسيرات المختلفة، فإن الرواية الأكثر شيوعًا والأكثر تداولًا في الأوساط الفنية تتناقض مع كل هذه التكهنات، إذ أن "عدوية" نفسه حاول نفي كل ما قيل عن الأغنية وربطها بأحداث سياسية أو اجتماعية معينة، وفي تصريحات لزوجته "نوسة"، أكدت في أحد حواراتها الصحفية أنها كانت تتمنى أن يُرزقا بطفل آخر، وأن هذه الحادثة لا علاقة لها بما تم تداوله عن الحياة العاطفية لـ"عدوية".
ورغم أن القصة التي راجت حول أغنيته غير دقيقة، إلا أن الحقيقة تُظهر أن الحادثة كانت متعلقة بشخصية حقيقية تُدعى "هند شهيد"، وهي امرأة كويتية كانت تحرص على التردد على القاهرة وحضور حفلات عدوية بانتظام، وكانت شاهدة على الكثير من تفاصيل حياة عدوية الفنية، لكن لغز هذه الفتاة تم دفنه مع "عدوية" الذي توفي اليوم، عن عمر يناهز 79 عامًا.
0 تعليق