تستضيف القاهرة، الأربعاء، قمة مصرية يونانية قبرصية، تجمع الرئيس عبدالفتاح السيسى، ورئيس الوزراء اليونانى كيرياكوس ميتسوتاكيس، الرئيس القبرصى نيكوس خريستودوليديس.
وتلك هى القمة العاشرة من نوعها منذ إطلاق آلية التعاون الثلاثى فى عام ٢٠١٤، التى تعرف باسم «تحالف الكالاماتا»، وهو تعبير يقصد به التحالف الثلاثى الذى يضم مصر واليونان وقبرص، بهدف التنسيق والتعاون فى شرق البحر المتوسط، مع التشديد على أن التجمع الثلاثى لهذه الدول لا يهدف إلى أن يكون ضد أحد وإنما للتعاون فى شرق المتوسط.
ومن المقرر أن تتناول القمة تطورات الأوضاع فى المنطقة، خاصة فى ملفات الحرب فى قطاع غزة والتطورات فى سوريا، والأزمات فى ليبيا والسودان والصومال. وعلى الصعيد الاقتصادى، يهدف الاجتماع إلى تعزيز التعاون فى مجال الطاقة، عبر الربط الكهربائى بين مصر واليونان، ومشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، كما يعقد على هامش القمة المنتدى الاقتصادى المصرى اليونانى القبرصى، بمشاركة وزراء وممثلين عن شركات من الدول الثلاث.
آلية التعاون بين مصر وقبرص واليونان، التى تشمل المجالات العسكرية والسياسية، وتنسيق المصالح فى شرق المتوسط، قد تنامت بعد اكتشافات الغاز الطبيعى فى شرق المتوسط، ولدى الدول الثلاث تاريخ طويل من التعاون والشراكة المميزة الراسخة والمبنية على الثقة والاحترام.
وتستهدف مصر واليونان وقبرص تعزيز العلاقات بينها فى ملفات الغاز ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، فضلًا عن التعاون الأمنى والعسكرى والعلاقات الاقتصادية. وتعتبر اليونان شريكًا تجاريًا مهمًا لمصر بإجمالى استثمارات قدره مليارا دولار.
القمة الثلاثية جاءت فى توقيت مهم، فمن ناحية تقاربت العلاقات المصرية التركية خلال الشهور الأخيرة، ومع التطورات الأخيرة فى سوريا والتحركات التركية خلالها، فإن هذا التوقيت يزداد أهمية، خاصة فى ظل ما تردد خلال الأيام الأخيرة عن رغبة تركيا فى ترسيم الحدود مع سوريا، وهو ما يعنى الكثير لتحالف مصر واليونان وقبرص.
جدير بالذكر، أن اتفاقًا بحريًا مماثلًا، جرى توقيعه بين تركيا وليبيا فى عام ٢٠١٩، كان قد أدى إلى تصعيد التوترات بين الحكومة فى أنقرة واليونان، بشأن استكشاف الطاقة فى البحر المتوسط، ونتج عنه توقيع اتفاق بين مصر واليونان وقبرص فى أغسطس ٢٠٢٠ لترسيم الحدود البحرية عام ٢٠٢٠، وبموجب الاتفاقية تتصدى الدول للتحركات غير المشروعة فى مياه البحر المتوسط، وتفتح الطريق أمام مرحلة جديدة فى التعاون الإقليمى للاستفادة من ثروات شرق المتوسط من جانب، ومواجهة الإرهاب من جانب آخر.
من ناحية أخرى، فإن القمة الثلاثية، التى جاءت عقب زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان القاهرة مؤخرًا، يمكن قراءتها كنوع من التوازن من القاهرة لدى العلاقات التركية والعلاقات مع قبرص واليونان.
وكما هو واضح، فإن التقارب المصرى التركى لن يكون على حساب التحالف الثلاثى بين مصر واليونان وقبرص، الذى يستند إلى ثوابت حقيقية راسخة، وبتوافق يخدم كل الأطراف، ويُمكن للقاهرة لعب دور أكبر فى تقريب وجهات النظر بين أنقرة وأثينا ونيقوسيا فى ظل السياسات التركية الراغبة فى تسوية أى خلافات، والتى تسمى «صفر مشكلات».
ويبدو أن مصر لديها أهداف تتعلق بدمج تركيا فى منتدى غاز شرق المتوسط، وهو الأمر الذى سيكون له دور كبير فى دعم الاستقرار بالمنطقة.
ورغم أن تركيا ومصر لا يمكنهما الوصول إلى اتفاق بشأن الترسيم البحرى شرق المتوسط لعدم وجود خط اتصال فعلى أو معترف به دوليًا فى البحر الأبيض المتوسط بين البلدين، لكن يمكن للجانبين الوصول إلى اتفاقيات بحرية أخرى بعد أن تحل تركيا مشاكلها مع قبرص واليونان، فيما يتعلق بالخط الفاصل.
من ناحية أخرى، يبدو أن القمة الثلاثية ترتبط بشكل وثيق بالمخاوف التى تتعلق بالتطورات الجارية فى سوريا، وصعود الإسلاميين مجددًا وتهديداتهم المتوقعة للمنطقة وأوروبا التى ترى ذلك ينطوى على مخاطر كبيرة، حتى لو كان سقوط نظام الأسد فى سوريا يمنح فرصة للدول الأوروبية بإعادة اللاجئين إلى ديارهم، فإنه لا تزال هناك مخاوف من الفترة المقبلة وعدم الاستقرار المتوقع فى سوريا، والذى يمكن أن يجعل الأمور أسوأ.
0 تعليق