كبر عقلك

مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
في كل يوم يقابل الإنسان مواقف متنوعة ويواجه أمورا متعددة، وفي مشاغل الحياة الكثيرة وفي خضم تلك المواقف قد يجد الإنسان نفسه قلق البال ومهموما ومشغولا بتفاصيل صغيرة لا تستحق منه كل ذلك الجهد والعناء والمشقة، وعندما يختار الإنسان التركيز على الأمور ويطيل فيها النظر بتفكير وروية ويوجه لها كل المجهود العقلي، يجد أن السلام والأمان والراحة والهدوء والسرور وزوال القلق وانتفاء الاضطراب تسكن قلبه، وأن الطاقة التي كانت تستنزفه وتسيطر عليه تدريجيا وتفنيه شيئا فشيئا أصبحت سببا لتنفيذ طموحاته ووسيلة لتحقيق أمنياته وطريقة لتلبية رغباته وسبيلا لنيل طلباته وطريقا لإنجاز تطلعاته.

في الحقيقة هناك على الدوام حيز للصراعات الصغيرة، ولكن هناك دوما رأيا بإهمال وإغفال ما لا ينفع، وحينما يختار الإنسان الصفاء وينتقي الوضوح ويفضل النقاء على المشاحنات والمخاصمات والمنازعات، يجد أن حياته صارت أسهل وأصبحت أهون وباتت أكثر بهاء وصارت أحسن جمالا.

في مجال العمل على سبيل المثال يجد الإنسان أحيانا أن هناك من يسعى إلى أن يصرف اهتمامه إلى الاشتغال بالتفاصيل، وهناك من يحاول أن يجعله في مآزق كبيرة، ويضعه في مواقف صعبة ويتركه في أوضاع محرجة، لكن تحقيق التفوق والوصول إلى الهدف وإدراك الغاية والتوفيق تكمن في القدرة على رؤية الصورة الكبرى وعدم السقوط في مصيدة الصغائر وعدم الوقوع في فخ التوافه.

في حياة الإنسان قد يكون هناك من يسعى إلى عرقلته ومحاولة التقدم عليه، وفي كثير من الأحيان قد يحس في البداية باضطراب يصحبه انقباض مؤلم، ويشعر بالضيق، لكن الحقيقة أن تلك المحاولات ليست سوى إشارة إلى أن ذلك الإنسان ينطلق في الدرب الصحيح ويسير في الطريق الواضح؛ فترك الإنسان الأمور الصغيرة والأشياء التافهة تمر، والانتباه على جمع فكره وحصره وتركيزه على إحداث تغيير في نفسه، والتحول من حال إلى حال شيء طيب كما يفعل الإنسان الذي تكلل عمله بالنجاح والتوفيق والظفر والفوز والسداد، عندما يتخذ قرارا ألاّ يصرف اهتمامه إلى منافسه بل يستمر في اكتشاف أفكار جديدة، ويترك منافسه خلفه ويتجه إلى حجز مكانه على القمة، ولا ينظر إلى الأشياء السطحية ولا يشغل باله بتفاصيل التفاصيل، بل يهتم بالنتائج وتحقيق الأهداف، ولا يتوقف عند أبسط المعوقات أو المشكلات أو يسمح بأن تكون حجر عثرة أمامه، ولا يلتفت للقيل والقال وتناقل الكلام والشائعات والترهات، ولا يؤول تصرفات الآخرين ويحملها ما لا تحتمل أو ينشغل بتحليلها أو يقلب تفسيرات متعددة لها، ومن هنا نجد أن النجاح الحقيقي والتفوق الفعلي يكمن في قدرة الإنسان على السير إلى الأمام دون أن يبالي ودون أن يدير وجهه لما يعرقله أو أن يلتفت لما يعيقه، والحياة أغلى من أن تستهلكها تفاصيل عابرة وجزئيات سريعة الزوال، وأكبر من أن تستنفذ في نزاعات لا طائل منها أو خلافات لا قيمة لها أو صراعات لا نفع يُرجى منها؛ فكبر عقلك.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق