مطاردة "هوامير التقنية الحيوية" الكبيرة

مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عزيزي القارئ، تواجه استثمارات التقنية الحيوية في الولايات المتحدة تحديات فريدة، أبرزها تحدي "رأس المال الضخم". تنشأ هذه المشكلة عندما تجد صناديق الاستثمار الكبيرة في هذا القطاع صعوبة في توزيع مبالغ ضخمة من الأموال بشكل فعال عبر عدد محدود من الفرص المحددة، مما يضطرها إلى التركيز على الاستثمارات الكبرى في الشركات الأكبر حجما فقط.

عندما تدير الصناديق الكبرى مبالغ بمليارات الدولارات "رأس المال الضخم"، مثل 3 مليارات دولار، تصبح هناك قيود عملية على عدد الشركات الناشئة المستثمر بها، والتي يمكن إدراجها في محفظتها. غالبا ما يتم تحديد عدد الشركات الناشئة التي يتم الاستثمار بها على سبيل المثال بنحو 50 شركة لضمان مراقبة كل استثمار بعناية. ومع هذا العدد المحدود يرتفع متوسط حجم مبلغ الاستثمار لكل شركة بشكل كبير، حيث قد يصل إلى 60 مليون دولار لكل شركة.

هذه الحتمية الحسابية تجبر الصناديق الاستثمارية الكبيرة على تركيز استثماراتها في الشركات الكبرى الأكثر استقرارا وما يُعرف بـ"مطاردة هوامير التقنية الحيوية الكبيرة" بدلا من الشركات الصغيرة التي تتميز بفرص استثمارية أكثر مخاطرة. الشركات الناشئة في مجال التقنية الحيوية الأصغر، وخاصة تلك الموجودة خارج الولايات المتحدة والتي تشهد تداولات يومية منخفضة، غالبا ما تكون خارج نطاق اهتمام هذه الصناديق الاستثمارية الكبيرة. فعلى سبيل المثال، يصبح الاستثمار في شركة صغيرة في أوروبا أو أستراليا تتداول أسهمها يوميا بقيمة لا تتجاوز 500,000 دولار أمرا غير عملي ومغريا لهذه الصناديق والشركات الاستثمارية الضخمة.

قد تأخذ الصناديق الكبيرة استراتيجية دعم الشركات الصغيرة الناشئة أو الاكتتابات العامة الأولية (IPO) بمبالغ أقل، مثل 30 مليون دولار، ولكن هذا يخلق تحديات إضافية. أولا، قد يؤدي الاستثمار إلى امتلاك نسبة عالية جدا من أسهم الشركة الصغيرة، وهو أمر يتجاوز حدود العملية لنمو هذه الشركات الناشئة، والتخارج منها مستقبلا بالنسبة للصندوق. ثانيا، بيع هذه الحصة لاحقا قد يتطلب شهورا حتى في ظروف السوق الجيدة.

علاوة على ذلك عزيزي القارئ، فإن تحدي الموارد والكفاءة البشرية تزيد من تعقيد الموقف. فإجراء الدراسات اللازمة لشركة صغيرة يتطلب تقريبا الجهد والوقت نفسهما المطلوبين لشركة أخرى كبيرة الحجم. وهذا يجعل العائد على الاستثمار (ROI) من حيث الوقت والموارد أقل جاذبية عند مقارنة الشركات الصغيرة بالكبيرة.

من الناحية المالية البحتة، فإن عائد الاستثمار لمبلغ 100 مليون دولار في شركة أميركية بقيمة 10 مليارات دولار غالبا ما يكون مفضلا مقارنة باستثمار مماثل في شركة صغيرة. استقرار الشركة الكبيرة وسيولتها وحضورها في السوق يقلل من المخاطر المرتبطة بالبعد الجغرافي، اختلاف التوقيت، تقلبات العملات، وتعقيدات العمليات. وعلى الرغم من أن الشركات الصغيرة قد تعد بعوائد أعلى، إلا أن المخاطر وعدم الكفاءة المرتبطة بهذه الاستثمارات غالبا ما تجعلها غير مبررة للصناديق الضخمة.

على سبيل المثال، قد تشهد شركة صغيرة ارتفاعا كبيرا في قيمة أسهمها بعد استثمار كبير، ومع ذلك بالنسبة للصندوق الذي يدير مليارات الدولارات، قد لا تكون المكاسب المحتملة مبررة للوقت والموارد المستثمرة في التقييم والمراقبة واستراتيجيات الخروج.

تُظهر مشكلة "رأس المال الضخم" خللا هيكليا في نظام استثمارات التقنية الحيوية. فعلى الرغم من أن الصناديق الكبيرة تلعب دورا حيويا في تعزيز نمو الصناعة، إلا أن تركيزها على الشركات الكبرى يحد من فرص التمويل للشركات الناشئة المبتكرة. هذا الطريق قد يعيق تقدم ونمو شركات التقنية الحيوية الناشئة الصغيرة، خاصة تلك التي تعمل في الأسواق المتخصصة أو خارج المراكز الاقتصادية الكبرى، من الوصول إلى رأس المال اللازم لتطوير علاجات مبتكرة.

nabilalhakamy@

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق