مختص بشئون الأسرى: الفرحة ستظل منقوصة طالما بقي أسرى في سجون الاحتلال

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الفرحة ستظل منقوصة طالما بقي هناك أسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي".. كلمات رددها الأسير المحرر عبدالناصر فروانة الذي ذاق مرارة الأسر وحلاوة الحرية والذي كرس حياته منذ الإفراج عنه لخدمة أقرانه القابعين في سجون الاحتلال.

وقال عبدالناصر فروانة رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شئون الأسرى والمحررين وعضو لجنة إدارة هيئة الأسرى في قطاع غزة: إنه على الرغم من الألم والوجع وما لحق بغزة من دمار وسقوط الآلاف من الجرحى والشهداء ؛ إلا أن أجواء الفرح والسعادة تعم بيوت عائلات الأسرى الذين شملتهم قوائم الإفراجات.

وأضاف فروانة أن للحرية مذاقا آخر كما أن للأسرى المحرومين من الحرية حلما يراودهم، فهم يتسلحون دائما بالأمل لأنه سلاحهم ومبعث صبرهم وصمودهم ومنه يستمدون قوتهم في مواجهة السجان وبطشه، وظروف السجن وقسوة شروط الحياة الاعتقالية".

وتابع: "أتعبتنا الحرب وأرهقتنا جميعا، جسديا ونفسيا، ولا أظن أن هناك فلسطينيا واحدا في قطاع غزة لم يُصب بأذى بسببها، فلقد دفعنا ثمنا باهظا، يصعب وصفه، وعشنا أياما وشهورا طويلة مرعبة، فظيعة ومخيفة، لم نشهدها من قبل ولم نقرأ عن مثيلاتها في التاريخ المعاصر، ولم يكن أكثر المتشائمين من بين الفلسطينيين يتوقع حربًا كهذه فما حدث كان شيئًا من الخيال، وأظن أن ما أصاب غزة وأهلها لم يكن يخطر في بال أيٍ من الفلسطينيين ولا في الأحلام المزعجة والكوابيس المفزعة، إنها حرب الإبادة الإسرائيلية غير المسبوقة ضد شعبنا ومكوناته المتعددة، وقدٍّر لنا أن نكون شهودا، نحن الناجون منها".

واستطرد فروانة يقول: "لقد تابعت أوضاع الاعتقال منذ صغري حيث كنت أتردد على السجون لزيارة والدي الأسير – رحمه الله - على مدار أكثر من 15 سنة قبل أن أكبر وأتحول إلى شاهد حين دخلتها أسيرًا، لأربع مرات، وبعدها وثّقت العديد من الشهادات لآخرين مروا بتجربة الاعتقال، وكتبت كثيرًا من الدراسات والمقالات التي وصفت حال السجون الإسرائيلية".

وقال: " لم أسمع من رواد الحركة الوطنية الأسيرة الأوائل، ولم أقرأ على جدران الزنازين أو في شهادات المعتقَلين على مرّ الأجيال، عن مرحلة كهذه، إنها مرحلة مختلفة تمامًا، وهي المرحلة الأخطر تاريخيًا".

ونبه إلى أن الأرقام كانت صادمة؛ حيث تم اعتقال أكثر من 20 ألف فلسطيني (القدس والضفة وغزة) منذ 7 أكتوبر2023، واستشهد نحو 56 معتقلا في السجون الإسرائيلية منذ بدء الحرب، وهؤلاء فقط المعلومة أسماؤهم، فيما يقدر أن هناك آخرين كثر استشهدوا ولم يكشف عنهم بعد وفقا لشهادات معتقلين وما كشفت عنه الصحف العبرية والأجنبية من أعداد.

وقال فروانة: "اليوم، مع دخول الاتفاق حيز التنفيذ، مازلنا نرى أن أولى الأولويات كانت ومازالت استمرار وقف إطلاق النار ووصولا لإنهاء حرب الإبادة، وفي الوقت ذاته ننظر بإيجابية كبيرة للجزئية المتعلقة بتبادل الأسرى في إطار هذا الاتفاق، ونرى أن ما تحقق في هذا الصدد يشكل إنجازا غير مسبوق، من حيث أعداد المفرج عنهم وفئاتهم وطبيعة أحكامهم".

وأوضح أن قائمة المنوي الإفراج عنهم خلال المرحلة الأولى تشمل نحو 296 أسيرا يقضون أحكاما بالسجن المؤبد، لمرة واحدة أو لعدة مرات، وهنا يقصد بالمؤبد 99 سنة، وهؤلاء ما كان لهم أن ينعموا بالحرية لولا تبادل الأسرى.

كما شملت قائمة من سيفرج عنهم في إطار المرحلة الأولى – وفقا لفروانة - نحو 300 أسير، مضى على اعتقالهم أكثر من 20 سنة على التوالي، وهؤلاء يقضون أحكاما بالسجن المؤبد وأحكاما عالية تصل لعشرات السنين، فكانت الصفقة فرصة لأن تضع حدا لوجودهم في سجون الاحتلال وتعيدهم إلى أهلهم وشعبهم.

ولفت إلى أن جرائم الإخفاء القسري تعد أبرز أوجه حرب الإبادة على قطاع غزة، قائلا: إن 189 فلسطينيًا هم إجمالي عدد أسرى قطاع غزة لدى الاحتلال الإسرائيلي قبل 7 أكتوبر2023 نعرف هوياتهم وأسماءهم، وعرفنا العديد منهم عن قرب، كما كنا نملك سيرة ذاتية وصورة شخصية لكل واحد منهم، ونعلم مكان احتجازه وتفاصيل حياته وراء القضبان وما وراء الشمس".

وأضاف: "أمّا اليوم، وبعد عام وأكثر من حرب الإبادة على قطاع غزة، فقد ازداد عددهم، وأصبح بالآلاف بحسب ما نسمعه من شهادات يرويها الناجون من الموت أو المفرَج عنهم بعد اعتقال أو احتجاز ؛ إذ ما زلنا نجهل أعدادهم الحقيقية، ولا تتوفر لدينا قوائم كاملة بأسمائهم، فباتوا ضحايا للاختفاء القسري، وهم في عداد المفقودين، في انتظار المصير المجهول ما لم يُكشف عن مصيرهم".

وأشار إلى أنه عاصر أحداث انتفاضة الحجارة التي اندلعت من مخيم جباليا شمالي قطاع غزة في الثامن من ديسمبر1987، بين أزقة حيّ "بني عامر" التي تفوح بعبق التاريخ، وانخرط - كغيره من الشبان - في فعالياتها المختلفة، واندفع إلى ساحة الاشتباك والمواجهة، يقاوم المحتل الإسرائيلي، واعتُقل من هناك أربع مرات، بعد اقتحام البيت ليلًا، وهو البيت ذاته الذي اعتُقل منه أبيه وشقيقه، وهذه كانت المرة الأولى، في معتقل أنصار2 غربي مدينة غزة، بعد اندلاع الانتفاضة بفترة وجيزة، واستمرت بضعة أسابيع فقط.

وأردف: "منذ أن تحررت من الاعتقال الأخير في منتصف 1994، وأنا على قاعدة أنه لا يحق لمن عانى مرارة السجن التخلي عمّن بقي يعاني من بعده؛ قطعت عهدًا على نفسي بأن أناضل لإبراز معاناة الأسرى، وأن أدافع عن قضاياهم وحرياتهم المشروعة، فكان لي شرف المشاركة في قيادة أسبوع التضامن مع الأسرى والمعتقلين بعد خروجي من السجن بأيام، بإشراف مؤسسة الضمير في غزة".

وقال فروانة: "واصلت نشاطي من أجلهم ثم عملت موظفًا في وزارة الأسرى والمحررين منذ تأسيسها، والتي تحولت في سنوات لاحقة إلى هيئة شؤون الأسرى والمحررين، وما زلت فاعلًا وناشطًا في إطارها، وأحد كوادرها، ومكلفًا رئيسًا لوحدة الدراسات والتوثيق فيها، وضمن لجنة إدارة الهيئة في قطاع غزة، وشاركت رسميًا في كثير من المؤتمرات واللقاءات والجولات العربية والدولية، في سياق السعي الدائم نحو تدويل قضية الأسرى".

وأضاف: "وفي سنة 2004، وبجهود ذاتية وتطوعية، أنشأت موقعًا إلكترونيًا، شخصيًا وخاصًا، يُعنى بالأسرى والمحررين، اسمه (فلسطين خلف القضبان) وما زلت أتابعه بمفردي، وهو يعتمد بشكل أساسي على إصداراتي التي تختص بقضايا الأسرى، ويخيّل إليّ أنني لو كتبت كل يوم بل كل ساعة مقالة لما وفَيتهم حقهم وقد أصدرت ونشرت في هذا السياق آلاف التقارير والمقالات والدراسات والتصريحات الإعلامية، بعضها تُرجم إلى لغات أخرى".

واختتم فروانة تصريحاته قائلا: “أعتز بأن جامعة الدول العربية أصدرت كتابًا من إعدادي وتأليفي، يحتوي على 420 صفحة، بعنوان (الأسرى الفلسطينيون.. آلام وآمال) وأُطلق الكتاب في حفل رسمي داخل الجامعة بحضور الأمين العام آنذاك الراحل د. نبيل العربي والأمين العام المساعد السفير محمد صبيح”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق