منذ اليوم الأول لعودة دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض لولايته الثانية، تحولت أنظار الإعلام العالمي إلى واشنطن، كل صباح، يتساءل العالم: ماذا فعل ترامب، اليوم؟ وماذا سيفعل غداً؟ لكن مع تصاعد تصريحاته الحادة وإصراره على اتخاذ مواقف غير مسبوقة، لم يعد السؤال مقتصراً على قراراته الداخلية، بل امتد ليشمل تحولات كبرى في السياسة الدولية خصوصاً بعد إعلانه لرغبته في احتلال قطاع غزة!
أحد أكثر التساؤلات المخيفة التي كانت في السابق ضرباً من الخيال أصبحت اليوم احتمالاً واقعياً: ماذا لو أعطت الولايات المتحدة الضوء الأخضر لروسيا والصين لاحتلال أوكرانيا وتايوان؟
إذا تحقق هذا السيناريو، فإن هذا الضوء سيكون الأخطر على العالم الذي سيشهد تحولات جيوسياسية خطيرة وتداعيات واسعة النطاق، أولها انهيار النظام الدولي القائم بلا رجعة.
لطالما كانت الولايات المتحدة الضامن الأساسي للنظام الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. لكن إذا قررت واشنطن عدم التصدي لغزو روسيا لأوكرانيا أو استيلاء الصين على تايوان، فسيكون ذلك بمثابة إعلان رسمي على تراجع دورها كقوة عظمى.
ستفقد واشنطن مصداقيتها أمام حلفائها، ما سيدفع العديد من الدول لإعادة تقييم تحالفاتها الأمنية، وستتآكل المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة وحلف الناتو، اللذين يعتمدان بشكل كبير على القيادة الأميركية.
سيؤدي هذا إلى فوضى عالمية، حيث ستسعى القوى الكبرى لملء الفراغ الذي ستتركه الولايات المتحدة، ما يمهد لنظام عالمي جديد، أكثر اضطراباً وأقل استقراراً.
إذا لم تواجه روسيا مقاومة أميركية فعلية، فستتمكن بسهولة من ضم أوكرانيا أو على الأقل فرض حكومة موالية لها، ما سيعزّز نفوذها في أوروبا الشرقية.
من جانب آخر، ستستغل الصين هذا الوضع لفرض سيطرتها على تايوان، وهو ما سيؤدي إلى تغيرات إستراتيجية ضخمة في منطقة المحيط الهادئ.
بالنسبة لروسيا تحقيق هذا السيناريو يعني استعادة مجد الإمبراطورية السوفياتية، وفرض أمر واقع جديد في أوروبا الشرقية، وبالنسبة للصين السيطرة على تايوان تعني تحكماً أكبر في التجارة العالمية، وتوسعاً إستراتيجياً قد يمتد ليشمل بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ.
إذا حدث هذا التحول الكبير، فمن غير المؤكد كيف سيكون رد الفعل الأوروبي، فبعض الدول الأوروبية قد يرى أن المواجهة مع روسيا والصين غير مجدية وتختار التكيف مع الواقع الجديد، بينما دول أخرى، خاصة في أوروبا الشرقية، قد تصر على مقاومة الهيمنة الروسية، ما قد يؤدي إلى تصعيد عسكري، أما الدول الآسيوية مثل اليابان وكوريا الجنوبية فستشعر بتهديد مباشر، وقد تتجه إلى تعزيز قدراتها الدفاعية وربما تطوير أسلحة نووية.
في دول مثل دول الشرق الأوسط فقد يتجه العديد منها نحو التحالف مع روسيا والصين، في ظل تراجع النفوذ الأميركي.
هذا السيناريو قد يكون الشرارة التي تشعل حرباً عالمية جديدة، تختلف عن الحروب السابقة من حيث الأدوات والتقنيات، لكنها لا تقل خطورة عنها.
الخلاصة، انه إذا أعطى ترامب الضوء الأخضر لروسيا والصين لاحتلال أوكرانيا وتايوان، فإن العالم سيواجه اضطرابات هائلة قد تعيد تشكيل النظام الدولي بالكامل، نحن أمام سيناريو غير مسبوق، قد يفتح الباب أمام حقبة جديدة من الصراعات والتحولات الجيوسياسية الكبرى.
ولكن في النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل يستطيع العالم تفادي هذا السيناريو، أم أن التاريخ سيعيد نفسه من جديد؟
0 تعليق