في احدى الصحف اليومية المحلية والمقربة جداً... جداً الى قلب الحكومة وينطبق عليهما اغنية الفنان الراحل فريد الاطرش "انا وانت لوحدنا حسدونا بحبنا"، وعلى مبدأ عليها المثل المصري "موت يا حمار"، ان هناك مشروعاً حكومياً للسياحة لجذب 100 الف زائر سنوياً، وان المشروع سيرى النور خلال ثلاث سنوات. هذا كلام اولي لكن الحقيقة اضرب الثلاث سنوات في عشرة، اذا صدقت الوعود، على غرار ميناء مبارك، وجامعة الشدادية، وجسر جابر، ونفق دروازه العبدالرزاق، اي على غرار مشاريع الحكومة التي ما اكثرها وعوداً، واقلها تنفيذاً.
ووفق الخبر الحكومي"ان تكلفة المشروع 12 مليون دينار، وسيوفر تشغيل نحو الفي يد عاملة وطنية"، وان سيتم تحويل 25 مبنى تراثياً وتاريخياً مراكز ثقافية، وهي اغلبها مدارس ومساجد لا تزال صالحة للاستعمال.
في الاعتبار العالمي لا يعتبر الخمسون او المئة عام تراثاً تاريخياً، الا بعد مئتي سنة، فيما في دول اخرى سنوات ابعد، وهناك قصور لملوك واباطرة، وكنائس، ومساجد ومعابد تُركت منذ الاف السنين، ولا تزال قائمة، اما المدارس التي شيدت قبل خمسين سنة فلا تزال تعتبر بعداد الجديدة وتحت الخدمة.
نحن دولة حديثة، ولا نزال بكر، نكذب على انفسنا اذا تحدثنا عن الاماكن التاريخية، اذ علينا الا نغالط انفسنا ولا الاخرين، انما نرى الواقع الذي نعيشه.
بالمناسبة زار وفد من اليونسكو قبل سنوات لاستكشاف المواقع التاريخية التي تستحق تسجيلها في قائمة التراث العالمية، وبعد جولة على المواقع لم يجد الا اثار فيلكا الاغريقية التي تم ادخالها في قائمة التراث الاعلامي.
اعود مجددا لاقول نحن بلاد فتية شابة، اذا صح الوصف، فهناك دول تماثلنا ولا تزال شبابة ينطبق عليها ما ينطبق على الكويت، بل ان هناك دولا جاذبة للسياحة والتسوق والترويح، لا تتفاخر، ولا في اجندتها مواقع تاريخية، ولعل سنغافورا احداها. بالمقارنة كم عدد السياح الزائرين لهذه التحفة الاسيوية، وكم عدد الزوار لنظيرتها الكويت الحبيبة؟
"كأس الخليج" الذي اقيم في البلاد كان كافياً لكي نرى اعداد زوارنا، وماذا يريدون.
قبل ايام اطل شاب جميل مثقف مندفع وطني طموح حالم يسأل الحكومة ورئيس وزرائها عن برنامج الحكومة، وخططها الانمائية، وغير ذلك من كلام يضرب على اطراف القلب.
هذا الشاب لم يكن الا مثالاً لآلاف الشباب الكويتيين الحالمين الذين تدفعهم الجامعات الى سوق العمل، فيدفعهم ديوان الخدمة الى وظائف يخجل الواحد ان يذكرها، لا لانها معيبة، لكنها لا تناسب تخصصات هؤلاء.
دخول 100 الف سائح الى الكويت ليس معجزة، فدبي تستقبل في السنة الواحدة ملايين الزوار، ومطاراتها تستقبل في اليوم الواحد عشرات الطائرات وآلاف المسافرين.
هناك الكثيرون الذين يحلمون بزيارة الكويت، لكن لا للسياحة، انما للعمل وجمع ثروة، هؤلاء المئة الف زائر، او سائح لا يحتاجون الى زيارة مدارس قديمة، او "بيت ديكسن"، او المتحف القديم، او قصر خزعل.
هؤلاء اذا افترضنا سواحاً، وزائرين، في الغالب من جيل الشباب، الباحثين عن المتعة، وعن اماكن اللهو والوناسة، والطرب والرقص والتسوق، خذوا معايير السياحة في الدول الشقيقة، وقيسوا سياحتهم واثارتكم التاريخية.
مشكلة تخلف الكويت عن الاخرين ليست مرضاً لا علاج له، فقط لانها منغلقة، لان حكوماتها لا تفكر بحجم طموح، واحلام ابنائها، ومستقبلهم الحالم.
صحافي كويتي
0 تعليق