حوارات
يوجد مثل عربي يشرح حقيقة حياتية شبه ثابتة: سوء حظّ الانسان العاقل الفَهِيم في الحياة، وهو كالتالي: "لَا تجْرِي الْأَقْسَام على قدر الأفهام، وَلَا الأرزاق على مبلغ الْأَخْلَاق"، وحظّ ونصيب، وقَسَم الانسان في الدنيا لا علاقة له بقوّة عقله أو ذكائه، أو زيادة علمه، أو بقدرته على الفهم السريع والاستيعاب الدقيق.
لكن ما يتحكّم بها هو القدر، فلو كان كبر العقل ضامناً للبخت في الدنيا، لما رأيت كثيراً من العقلاء فقراء، لا يملكون ما يملكه من هو أقلّ منهم عقلاً وفهماً.
ومن بعض ما يؤدّي أحياناً الى حرمان ذي العقل (الفَهْم) من رغد العيش، ووفرة المال، التي يعتقد أنه يستحقّها لسعة أفقه، وما يعطّله عن تحقيق آماله وتطلّعاته، وأهدافه الحياتية التي يعتقد أنه يستحقها بسبب قوّة فهمه، نذكر ما يلي:
- التفكير الزائد عن الحدّ: ينغمس بعض الفُهَماء في تفكير مفرط للغاية في أمور، وقضايا، أو مواضيع لا تتطلّب عمقا في التفكير، ومن عواقب هذا السلوك السلبي هو التردّد في اتخاذ بعض القرارات الحياتية المصيريّة، ما يؤدّي أحياناً الى تضييع الفرص المواتية، التي يمكن استعمالها لرفع الحال والشأن.
- الفَهِيم وحزم الأمور: يفترض أنّ من لديه فهم وإدراك مناسب لما يحدث، ويجري ويدور حوله، أن يتمتّع أيضاً بالقدرة على الحزم، فيحكم أموره وشؤونه الحياتية الخاصّة بسرعة من دون تسرع، ويضبط سلوكيّاته وفقاً لأولوياته الحقيقيّة، ولا يتوانى عن ضبط شؤونه، الخاصة والعامة، ويعرف بدقّة الوقت والجهد والامكانات المتوافرة له في الحاضر والمستقبل.
- الفَهِيم لا يثق في الرخاء، أو الدّهْر: لا يأمن حسن الفَهْم تقلّبات الدّهْر، بل يسعى قدر ما يستطيع لأن يستعدّ لها بشكل مناسب، فلا سلامة عيش دائمة تغريه للتكاسل عما يجب عليه الحرص عليه، ولا رخاء يجعله يتوانى عن توفير ماله، لعلمه أن تقلّب الدّهر أسرع فجاءة من تقلّب قلوب الناس.
- الفَهِيم مملول ومنبوذ، ومستبعد، ومحارب: يتضايق كثيرا من الناس، لا سيما بعض ضعفاء العقول، من الفَهيم بسبب فطنته المفرطة، وربما ينبذونه من بينهم لصعوبة انقياده، ويستبعدونه، ويحاربونه بسبب سعة أفقه.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@
0 تعليق