التكييف القانوني لـ'بلوك' البنوك؟

24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ما تفعله البنوك المحلية، او بعض مؤسسات الدولة، من "بلوك" صرف مستحقات المودعين، او ورثتهم، او المستحقين عنهم، بسبب عدم اجراء "البصمة البيومترية" لشخص توفي مثلا، او بسبب سحب الجنسية.

فالاصل عدم جواز "الحجز" على مال خاص، منقولاً او عقاراً او نقوداً، من دون نص قانوني، وحكم قضائي بات وملزم. وتقرر المادة 30 من القانون المدني، ان الاصل استعمال الحق من جانب صاحبه يعتبر فعلاً مشروعاً ما دام يلتزم فيه مضمون الحق وحدوده، كما رسمها القانون.

وتضفي حماية القانون على الاستعمال المشروع وحده، وتمنعها عن الاستعمال الذي ينحرف به صاحب الحق عن طريقه الطبيعي، بل وتسائله عما يسبب للغير من ضرر (المذكرة الايضاحية للقانون المدني الكويتي في معرض شرح المادة 30).

وهو تطبيق للمادة 18 من الدستور على ان الملكية حق من الحقوق الفردية ذات الوظيفة الاجتماعية، وتنظيم وظيفة الملكية بما فيه صالح الجماعة بهدف منع الاضرار بمصلحة المجموع او اساءة استعمال الحق، والفقه والقضاء مستقر على ان "مخالفة الغاية أشد في الواقع وفي الحق من مخالفة الوسيلة".

فالصالح العام هو الغاية التي يستهدفها كل قرار إداري، وان الظروف الاستثنائية التي تحيط بالقرار ليس من شأنها ان تخلق للقرار سبباً ذاتياً، وان منوط المشروعية الا يشوب استعمالها غلو في تقدير الجزاء.

ولذا، نأمل من البنك المركزي، كجهة رقابية على المصارف والبنوك، ان يوجهها ان تتعامل بمرونة اكثر مع هذا النوع من الحالات المستجدة، التي سببت ارباكاً في اعمال البنوك.

وقرار كهذا لا شك انه سيكون مفرحاً للبنوك والمصارف، لانها ليست طرفاً معنياً بالموضوع، كما ان التجميد يربك أعمالها، ويشغلها بما لا يعنيها!

ومن جانب آخر، فإن الجهة مُصدرة القرار كذلك، ان تُعيد النظر فيه، وتتعامل معه بقدر من المرونة اكثر، دون ان تقيد من حرية الشخص من التصرف في ماله الخاص، وتسهيل وصوله الى حقه في البنك، او جهات الدولة، ما دام الشخص ليس لديه شبهة جنائية!

من جانب آخر، لا يزال جانب من الفقه مترددا في تكييف - تجميد - المال الخاص بالعملاء، هل هو جزاء ام وسيلة ضغط؟

ولا بأس من التذكير في هذا المقام، بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي اولى عناية خاصة بحقوق الاشخاص في الجوانب المالية والحقوقية والسياسية، والكويت من الدول التي وقعت على هذا العهد، وبالذات المادتين الثانية والخامسة خصوصا التي تفصل ما للشخص وما عليه، وهو وثيقة ملزمة للدولة.

وقد تعرضت "مجلة الاحكام العدلية" التي كانت الى عهد قريب معمول بها في دولة الكويت، قبل صدور القانون المدني. ومستقاة من الفقه الحنفي، اوردت نصوصا تعالج - المأزق - الذي تعاني منه البنوك تحديدا ومؤسسات الدولة، فـ"الاصل براءة الذمة، ولا ضرر ولا ضرار، والضرر يُزال" وغيرها. (راجع المواد 8 و19 و20 من المجلة)، وهي قواعد آمرة ومعمول بها فقهاً وقضاءً. عموماً، نحن لسنا في وارد نقد او الاعتراض على اجراءات الدولة في المحافظة على النظام العام والامن الاجتماعي، ما دامت الغاية، العدالة والخير العام، والنفع المشترك، وآخر دعوانا "أن الحمد لله رب العالمين".

مستشار قانوني

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق