مختصر مفيد
وقع فيل بفخ الصيادين في أفريقيا، وتم نقله إلى حديقة الحيوان، وأطلق عليه اسم نيلسون، وهناك رُبط إحدى قوائمه بسلسلة حديدية قوية، وفي نهايتها كرة كبيرة مصنوعة من الحديد الثقيل.
شعر الفيل بالغضب من هذه المعاملة، وكان كلما حاول التحرك يشد السلسلة الحديدية فيشعر بألم شديد، والتعب فيغلبه النوم، ومع كثرة محاولاته وكثرة آلامه وفشله، قرر نيلسون ان يخضع لرغبة الآخرين، وفي إحدى الليالي عندما كان نائماً غيّر العمال الكرة الحديدية الكبيرة بكرة صغيرة مصنوعة من الخشب.
لكن الحيوان برمج نفسه على أنه ضعيف القوى، وان محاولاته لتخليص نفسه ستبوء بالفشل، وتسبب له الآلام والجراح، فاعتاد على الخضوع كالمنهزم، ولم يعرف الفيل قدراته الذاتية مع أنه قوي جدا.
هناك أيضاً قصة النسر، إذ يُحكى أن نسراً كان يعيش في أحد الجبال، ويضع عشه على قمة إحدى الأشجار، ثم حدث أن هز زلزال عنيف الأرض، فسقطت بيضة من عش النسر وتدحرجت إلى أن استقرت في قن للدجاج، وظنت الدجاجات أن عليها أن تحمي وتعتني بهذه البيضة إلى أن تفقس.
وفي أحد الأيام فقست البيضة، وخرج منها نسر صغير جميل، لكنه بدأ يتربى على أنه دجاجة، وشاهد مجموعة من النسور تحلق عالياً في السماء، فتمنى لو يستطيع التحليق مثل النسور، لكنه قوبل بضحكات الاستهزاء من الدجاج، فقد قلن له: ما أنت سوى دجاجة، ولن تستطيع التحليق كالنسور، وبعدها توقف النسر عن حلم التحليق في الأعالي، وآلمه اليأس، ومات بعد أن عاش حياته مثل الدجاج.
المغزى من القصتين هو ان هناك آلافاً من الناس بيننا يبرمجون أنفسهم منذ الصغر على مشاعر سلبية، ما يجعلهم يعانون أمراضاً نفسية مختلفة، مثل الاكتئاب والقلق والتعاسة، واستمروا في حياتهم بالتصرفات نفسها تماماً مثل الفيل والنسر فلا يطورون حياتهم الى الأفضل، ويعيشون دائما مشاعر سلبية مُحبطة، أو أمراضا نفسية، بينما يمكن تغيير هذا الوضع.
على المرء أن يبدأ بالخطوة الأولى، فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولقد ضربنا أمثلة عن العزيمة القوية التي مارسها أشخاص فتغلبوا على مشكلاتهم، فقد دخل ابراهام لنكولن مجال التجارة فخسر، ثم دخل مجال السياسة، لكنه فشل أيضاً، فعاد الى التجارة لكنه خسر، فعاد ثانيةً الى السياسة على أمل الفوز بمنصب نائب في البرلمان الأميركي، لكنه فاز برئاسة الولايات المتحدة!
وكان وينستون تشرشل طالباً فقيراً مصاباً بإعاقة في الكلام، فأصبح من كبار الساسة البريطانيين، وبدأ أنور السادات حياته فلاحاً بسيطاً، وكان رئيس الهند السابق أبو بكر زين العابدين أبو الكلام قد نشأ من أسرة هندية فقيرة فلم يملك نفقات الدراسة، لكنه بذل جهداً شاقاً لمواصلة تعليمه فأصبح فيلسوفاً عالماً ورئيساً لدولة كبيرة مثل الهند.
وكان أحد الأميركيين يعمل في مصنع للاخشاب فطردوه من عمله، وأصابه الإحباط، لكنه بالعزيمة القوية أصبح متخصصاً في بناء المشاريع الصغيرة، ثم أصبح مشهورا، إنه والاس جونسون الرجل الذي أنشأ وبنى سلسلة فنادق "هوليدي إن".
بل، ونجد العزيمة القوية حتى في المجال الرياضي، فلما انهزمت ألمانيا في كرة القدم في عام 2001 أمام فريق البرازيل، أصرت على التمرين المتواصل فتغلبت على البرازيل بهزيمة ساحقة بنتيجة 7 مقابل واحد في مباراة كأس العالم لكرة القدم في صيف العام 2014.
ومما قيل في التغلب على المصاعب "الإرادة القوية تحرك الجبال"، كنز الرجل هو كنزه من الأخطاء، الحياة سلسلة من الهزات النفسية تجعل بعض الناس من رجل الى "سوبر رجل".
فالإخفاق والألم مطلوبان أحيانا حتى يتقدم المرء، والصدمة قد تحرك في الإنسان التفكير الخلاق، وروح الإبداع، لكن أكثر الناس يعتبرون المصاعب والمحن تجارب مؤلمة، بينما هي والشدائد قد تدفعهم إلى "التفكير بعمق" ما يترتب عليه تغيير أحوالهم نحو الأفضل.
0 تعليق