داخلياً من كان يتخيل هبوط مؤشر البطالة الكلي في اقتصاد المملكة إلى ما دون ٤٪ وبهذه السرعة، أو ارتفاع عدد المعتمرين والمصلين إلى ٣ ملايين مسلم في ليلة واحدة بأمن وأمان في مكة المكرمة، أو سيطرة الإعلام السعودي المقروء والمسموع والمرئي ومنذ الثمانينات الماضية ويتطوّر كل يوم رغم ظهور المنافسة الشرسة من كل مكان للفوز ولو بحصة تافهة من هذا الاكتساح، أو إنشاء خطوط طيران جديدة ستتجاوز ترهل الخطوط السعودية التي رغم خبرتها الطويلة وقفت عاجزة لعدة عقود عن المنافسة إقليمياً، أو تشغيل أكبر وأفخم وأطول نظام مترو في العالم يتحرك آلياً، أو تنظيم السعودية لمسابقة كأس العالم لكرة القدم، أو ارتقاء عدد متابعي الرياضة السعودية إلى مئات الملايين حول العالم، أو المشاركة المذهلة للمرأة السعودية في كل المجالات، أو برامج الحفلات الغنائية الشرقية التي أصبحت تقام في قلب مدن المملكة، حيث الأداء الموسيقي العظيم لأعظم ملحني الوطن العربي من السنباطي وعبدالوهاب والموجي وسيد مكاوي وبليغ حمدي.
بإمكاني الاستمرار في استعراض ما حدث ويحدث كل يوم من إنجازات طبية وعلمية وتعليم وأعمال تطوعية وحكومة ذكية أبهرت العالم وعضوية ضمن دول العشرين لكنني سأعود إلى ما بدأت به.
اختيار المملكة طرفاً وسيطاً لمحادثات السلام بين أوكرانيا وروسيا ليس بضاعة يتم شراؤها بالمال، إنها تعبير عالمي عن الثقة في المستضيف وشرعيته الدولية قولاً وعملاً. هي تعبير دولي كبير عن احترام قيادة هذه الدولة وحياديتها. كم من دول وحكومات لديها نفس الموارد المالية والطبيعية لكنها تفتقر للمصداقية وغير موثوق بها. اختيار المملكة كأول محطة يذهب إليها القادة الجدد هو مؤشر آخر على هذه المكانة. أتى الرئيس ترمب والشرع وعون والبرهان وغيرهم سيأتون. هذا برأيي هو الرديف الأهم للنهضة الاقتصادية والبشرية التي تحدث في المملكة. في نفس الوقت هي القوة الناعمة المؤثرة التي أصبحت نتائجها وقيمتها والقدرة على تحقيق أهداف رؤيتها داخل وجدان شعوب المنطقة بل وشعوب أخرى بعيدة عنا. لسان الحال خارج الحدود يردد إذا كان السعوديون قادرين على هذه الإنجازات وهذه المكانة الدولية المرموقة بهذه السرعة ويتمتعون بهذه الثقة على مستوى العالم فلم لا نصبح مثلهم أو ننافسهم.
الذي يبعث على الطمأنينة أن ما تحدثت عنه من نهضة شاملة وبناء يجيّر لأيادٍ سعودية مخلصة تفوقت على أفضل التوقعات وسابقت الزمن الافتراضي لإنجاح مثل هذا التحول. وما يزيدنا افتخاراً أن هؤلاء الشباب والشابات حافظوا على قيمهم ومبادئهم ومارسوا طبائع الآباء والأجداد في الكرم والنخوة. بمعنى لم يتغربوا عن أصولهم، ولم ينسلخوا عن جلدتهم وثقافتهم الأصلية، ولم يتفرغوا للرد على الحاقدين والدخول معهم في جدالات تافهة ومضيعة للوقت.
كنا نسمع تعليقات موجهة لدولنا في الخليج على نحو «نهضة أسمنتية» تقال عندما يتم إبراز العمائر وناطحات السحاب كشواهد على الرقي والتنمية. اليوم في السعودية وعند جيرانها في دول الخليج العربي أصبحت القصص مثيرة ومختلفة. قصص تحتاج إلى دراسات وتوثيق يليها عشرات الأعمال الدرامية الجادة البعيدة عن المبالغة والإسفاف. تحدث البعض في الغرب واصفاً النهضة السعودية بأنها الأضخم والأهم عالمياً في العقود الستة الماضية التي تلت الحرب العالمية الثانية.
في قائمة الطموحات نحن للتو بدأنا والقادم أضخم وأكثر بريقاً.
كل عام وقيادتنا الملهمة وشعبنا الطموح بخير.
أخبار ذات صلة
0 تعليق