من المهم أن يبقى للنقد مساحة كافية في ظل وجود أنظمة نشر يمكن الاحتكام لها في تقييم أي تجاوزات في ممارسة التعبير تسهم في التمييز بين النقد البناء والنقد المبني على الغايات الفاسدة، وهذه الأهمية ليست لصالح الصحفيين وكتاب الرأي والمغردين وحدهم بل هي لصالح ممارسي العمل العام، فالنقد مرآة تكشف الأخطاء والسلبيات ويرشد لمكامن الخلل ويساعد على الإصلاح، كما أنه معين لا ينضب من الأفكار والاقتراحات التي تساعد على تطوير الأنظمة والقوانين وإصلاح العمل والبرامج والمبادرات !
من فوائد ممارسة النقد جعل ممارسي العمل العام في حالة استشعار دائم لوجود عين المجتمع الرقيبة من خلال وسائل إعلامه مما يحفزهم لأداء واجبات الوظيفة العامة وتلافي التقصير، بينما يسهم غياب النقد في تحرر بعض المسؤولين من الرقابة المجتمعية، واكتساب حساسية من النقد خاصة عندما يعتاد على ممارسة عمله دون وجود من يقيم وينتقد عمله في وسائل الإعلام فيوهم أنه فوق مستوى النقد !
كثير من المسؤولين الذين عرفتهم طيلة ممارسة عملي في مجال الإعلام كانوا يجدون في النقد وسيلة إيجابية تعينهم على تحقيق النجاح ويظهرون امتناناً عند انتقاد بعض أعمال إداراتهم أو الإرشاد لبعض السلبيات والأخطاء أو تلقي الاقتراحات والأفكار، فهم يعتبرون ذلك رافداً لعملهم ومكملاً لأسس الشراكة الوطنية في الخدمة العامة، بينما كان هناك مسؤولون حساسون تجاه النقد يتملكهم وهم الاستهداف الشخصي دون إدراك أن أحداً لن يكتب عنهم شيئاً عندما يغادرون الوظيفة العامة ويجلسون في بيوتهم !
أسوأ نماذج «الحساسين» هم من يشغلون ويرهقون مؤسسات العدالة ويهدرون وقتها وطاقتها بالقضايا والشكاوى ضد ممارسي النقد، وكثير من هذه القضايا والشكاوى تسقط في الجلسة الأولى لعدم مخالفتها أنظمة النشر، وأمثال هؤلاء لا يكتفون بإهدار وقت وطاقة المؤسسات العدلية وحسب بل ويهدرون موارد الإدارات القانونية لمؤسساتهم العامة ويسخرونها للانتصار لأوهامهم الشخصية !
باختصار.. النقد البناء أداة بناء ودعم ومساندة في تقدم الوطن ومسيرة التنمية !
أخبار ذات صلة
0 تعليق