نظم المشرع في قانون الجنسية الكويتي رقم 15 / 1959 الصادر في الخامس من ديسمبر 1959، والذي وضع نصوصه استاذنا الدكتور عبدالرزاق السنهوري، في المادة 13 حالات سحب الجنسية من الكويتي الذي كسب الجنسية بالتطبيق لاحكام المواد 3و4 و 5 و7 و8، وهي حالتان عند وضع القانون.
الاولى اذا منح الجنسية بطريق الغش، والثانية اذا حكم عليه بجريمة مخلة بالشرف والامانة، ثم اضيفت فقرة ثالثة خاصة بالعزل من الوظيفة العامة في قانون لاحق.
ثم جاء التعديل الاخير للقانون، باضافة بندين اخرين، وهما اذا استدعت مصلحة الدولة العليا او امنها الخارجي ذلك، و اذا توافرت دلائل لدى الجهات المختصة على قيامه بالترويج لمبادئ من شأنها تقويض النظام الاقتصادي او الاجتماعي في البلاد.
فصار لدينا خمس حالات تُسحب فيها الجنسية ممن كسبها بالتجنس، فما هو الوضع القانوني عمن كسب الجنسية بالتبعية، وهم زوجته واولاده؟
اولا: اذا كسب المتجنس الجنسية بالغش والاقوال الكاذبة، فيجوز سحبها ممن كسبها معه بالتبعية - البند اولا من المادة 13.
ثانيا: اذا استدعت مصلحة الدولة العليا، او امنها الخارجي ذلك، واذا توفرت الدلائل لدى الجهات المختصة على ترويجه لمبادئ من شأنها تقويض النظام الاقتصادي والاجتماعي (البندين الرابع والخامس) من المادة ذاتها.
ثالثا: لم يتطرق في البندين الثاني والثالث الخاصين بالحكم عليه بجريمة مخلة بالشرف والامانة، والاخر في حال عزله من الوظيفة الحكومية تأديبيا لاسباب تتصل بالشرف والامانة.
ففي هاتين الحالتين لم يتطرق المشرع الى جواز سحب الجنسية ممن اكتسبها بالتبعية، والبادي ان المشرع قد راعى الجانب الانساني، وقصر سحب الجنسية على الفاعل فقط دون ان تشمل ممن كسبها معه بالتبعية، وهي لفتة كريمة من المشرع انذاك.
وتجدر الاشارة الى ان المادة 33 من الدستور قد جعلت العقوبة شخصية، وهو مبدأ متعارف عليه في الدساتير والقوانين المقارنة، سطره الذكر الحكيم في قوله تعالى: "ولا تزر وازرة وزر اخرى" (فاطر 18) وقوله تعالى: "كل نفس بما كسبت رهينة "(الطور 21).
أي كل انسان مرهون بعمله، لا يحمل ذنب غيره من الناس.
لذا، فإننا نميل الى ان النص بجواز سحب الجنسية ممن اكتسبها بالتبعية، فيه شبهة عدم الدستورية.
وقد تنبه المشرع في المادة التي تليها، وهي المادة 14 من القانون، عند تعرضه لاسقاط الجنسية ممن يتمتع بها، وقد يكون كويتياً بالتأسيس او بالتجنس، إن الاسقاط يشمل مرتكب الفعل وحده، دون غيره! وقد اشارت المذكرة الايضاحية في تفسيرها للمادة 14"...ولا تزول في هذه الحالة الجنسية الكويتية الا عن المتجنس وحده، فلا يمتد السحب الى الزوجة والاولاد أخذاً بمبدأ شخصية العقوبة".
ويلاحظ ان المشرع حتى الحالات التي نص فيها على سحب الجنسية ممن اكتسبها بالتبعية في المادة 13 قد تركها لتقدير السلطة التقديرية للدولة!
وهذه، نظرة انسانية مجردة راعى فيها المشرع عدم تفكك الاسرة، بعد ان تكيفت احوالها، ومعيشتها، وانتسابها لهذا الوطن.
وحصول هؤلاء على الجنسية يعتبر حقاً مكتسباً، وهو الحق الذي استفاد منه الشخص بموجب قانون او لائحة سابقة، واستمر وجوده رغم الاحكام المخالفة للقانون الجديد.
وان المساواة بين الخاضعين للقانون تمثل الشرط الجوهري لوجود دولة القانون، وامان المواطن وامن الدولة.
(هذا النص كتبه ونشره الطاهر بن تريكة - رئيس محكمة استئناف تونس)
***
وقد كشفت الحالات التي تم سحب الجنسية عنها، ليست بسبب التزوير والغش فقط، او انهم بآلاف وعشرات الآلاف كما ادعت بعض الاقلام خلافاً للحقيقة، انما هي حالات محدودة، قد تكون امنية في بعضها، واجتماعية في البعض الاخر، وقد تكون لدواع اخرى، أريد بها تطهير ملف الهوية الوطنية من الرشوة، والفساد، ومحاسبة من تسبب فيه.
ما نأمله هو احترام القانون، ومراعاة الوجه الانساني والحضاري للدولة، والعدالة في التطبيق.
"ولئن يخطئ القاضي في العفو، خير من ان يُخطأ في العقوبة" و"الضرر لا يُزال بمثله" والعقوبة شخصية، وهي قواعد مستقرة في ضمير المشرع.
(نقلا عن مجلة الاحكام مجلة الاحكام العدلية)
مستشار قانوني
0 تعليق