استضافة البطولة الرياضية الأكبر على وجه الأرض تضع المملكة في مركز الاهتمام العالمي - خاصة في السنوات العشر المقبلة - ما يسهم في جذب استثمارات ضخمة في قطاع الرياضة، وستقدم الهيئة العليا من خلال استراتيجياتها خارطة طريق موسعة للاستثمار الرياضي، تشمل: تطوير البنية التحتية الرياضية، وتنظيم الفعاليات العالمية، ودعم القطاع الخاص لدخول السوق الرياضي.
هذه البطولة المرتقبة ستكون وجهة للشركات الدولية المتخصصة في التكنولوجيا الرياضية، والخدمات اللوجستية، والبث الرقمي، حيث سيجدون في المملكة سوقا جاهزة لاستقبال أحدث التقنيات والخدمات، ومن الجيد الاستئناس بما قامت به روسيا في كأس العالم 2018م، التي قدمت تجربة ناجحة في استخدام التكنولوجيا لتحسين إدارة الحشود والنقل، ولدى بلادنا في المقابل رؤيتها الطموحة في ذلك لتحقيق نجاح أكبر، فضلا عن إبراز إمكانياتها اللوجستية المتقدمة.
البنية اللوجستية تعد العامل الأكثر حساسية في نجاح أي بطولة بهذا الحجم، والمملكة تدرك ذلك جيدا، لذا تضع الهيئة العليا تطوير شبكة لوجستية متكاملة على رأس أولوياتها لضمان انسيابية حركة الجماهير واللاعبين، وتقليل الضغط على المدن المضيفة.
أحد المحاور الرئيسة سيكون تحديث شبكة النقل العام، بما يشمل القطارات السريعة، والحافلات الكهربائية، وأنظمة النقل الذكية، ولن تخدم هذه الشبكة فقط البطولة، بل ستشكل ركيزة أساسية لتحسين جودة الحياة، وتعزيز القدرة التنافسية للمملكة بوصفها مركز نقل إقليميا.
وستشهد المطارات أيضا استثمارات ضخمة لتوسيع طاقتها الاستيعابية، مع التركيز على تحسين تجربة السفر وتسهيل تدفق الزوار، حتى المناطق المحيطة بالملاعب ستكون هدفا لتطوير الطرق الجديدة والبنية التحتية الداعمة، مما يسهم في تحسين الترابط بين المدن المضيفة.
وبوجود الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - سيكون تقديم نموذج بمستوى أعلى من التكامل بين التكنولوجيا والنقل الذكي، كتطوير شبكات نقل ذكية تشمل القطارات فائقة السرعة، والحافلات الكهربائية، وتوسيع المطارات لتلبية الطلب المتوقع خلال البطولة.
وسيصبح القطاع اللوجستي المحرك الرئيسي لنمو قطاع الأعمال السعودي، فشركاتنا المحلية الكبيرة أو الصغيرة ستستفيد من الفرص الاقتصادية التي توفرها، وتخطط "الهيئة العليا" لتطوير برامج شراكة مع القطاع الخاص لدعم المشاريع المتعلقة بالبطولة، مثل: إنشاء الفنادق، وتطوير خدمات الضيافة، وتنظيم الفعاليات المصاحبة. وحتى قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) سيحظى بفرص استثنائية، من خلال تقديم خدمات الضيافة والتوريد إلى تنظيم الفعاليات الثقافية، مما يزيد من مساهمتها في الاقتصاد الوطني.
وجانب آخر مهم، ستعزز البطولة تطوير كوادرنا الوطنية في القطاع اللوجستي، بتوفير برامج تدريبية تمكنهم من اكتساب خبرات عملية في إدارة الفعاليات الكبرى، وسيضمن هذا الاستثمار في رأس المال البشري استدامة النمو بعد انتهاء البطولة.
أخيرا، كأس العالم 2034 بالنسبة للمملكة هو مشروع اقتصادي واستثماري ولوجستي وسياحي، ويظهر ذلك من تركيز الهيئة العليا في خططها على تطوير الشبكات اللوجستية، وتعزيز التكامل بين البنية التحتية والنقل الذكي؛ لدفع عجلة الاقتصاد الوطني وتحقيق استدامة طويلة الأمد، وإن كان هناك من يعتقد أن استضافتنا للبطولة محصورة في الحدث الرياضي فقط، فأوصيه بتغيير قناعاته 180 درجة، فطموحنا قيادة وشعبا أبعد من ذلك بكثير، فهدفنا هو إعادة صياغة مستقبلنا الاقتصادي واللوجستي، وصناعة نموذج عالمي يمزج بين الرياضة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بكفاءة وابتكار.
0 تعليق