مختصر مفيد
أتحدث باختصار شديد، وبتسلسل للأحداث، فبعد اندلاع الانتفاضة الشعبية في سورية عام 2011، أيدت تركيا المعارضة المناهضة للأسد، وقدمت المساعدات المالية والعسكرية للجماعات المتمردة، على أمل أن يؤدي وجود حكومة إسلامية في دمشق الى توسيع النفوذ الاقليمي التركي.
لكن الحرب الأهلية السورية استمرت وخلقت مشكلات لتركيا، مثل تدفق أعداد هائلة من اللاجئين السوريين الى أراضيها.
لذا حاول أردوغان اصلاح العلاقات مع دمشق، وإعادة ملايين اللاجئين السوريين الى بلادهم، لأن وجودهم في تركيا قـوض الدعم لحزبه الحاكم، لكن الرئيس بشار كان يماطل في مساعي اردوغان لاصلاح العلاقات مع سورية.
كان لأنقرة، آنذاك، وجود عسكري في مدينة ادلب، القريبة جغرافيا، فشرعت تقدم مساعدات لـ"هيئة تحرير الشام"، وهي جماعة إسلامية سنية كانت تابعة لتنظيم "القاعدة"، بل وحمى هذا التواجد العسكري التركي هذه المجموعة من هجمات حكومة بشار، وقدمت تركيا المساعدات الى المناطق التي تديرها الهيئة، مما زاد من شرعية المجموعة بين السكان المحليين، ومنح كل هذا تركيا نفوذا عليها.
ولما شنت اسرائيل حملة عسكرية في غزة ولبنان، ضعف حلفاء الأسد، مثل ايران و"حزب الله"، وانشغلت روسيا بحربها في اوكرانيا، فرأى اردوغان فرصة في مستقبل ما بعد الأسد، وجني فوائد زوال هذا النظام، نظرا لما تتمتع به من صلات وعلاقات مع الجماعة المذكورة.
قلنا ان تركيا قدمت المساعدات لـ"هيئة تحرير الشام"، التي تحركت فاحتلت إدلب ثم حلب وحماة وحمص، واتجهت فدخلت دمشق وأطاحت نظام بشار في الثامن من ديسمبر الجاري.
أرجو المعذرة فقد ألغيت معلومات أخرى، حتى أجعل الأحداث مفهومة.
قال الكاتب العراقي أدهم ابراهيم في مقالة: "العراق قد لا ينزلق إلى الفوضى التي اجتاحت سورية، إلا أن البلاد ليست محصنة ضد عدم الاستقرار"، وقالت الكاتبة الاسرائيلية سمدار بيري بمقالة: "زعماء أردنيون يخشون أن تكون المملكة هي التالية في السقوط"، وقالت الكاتبة الإيرانية فرناز فسيحي بمقالة في صحيفة "نيويورك تايمز" ان "الاضطرابات السورية تجعل القادة الإيرانيين يشعرون بالتوتر أيضاً".
هناك أيضاً خطر لا يمكن تجاهله، يتمثل في أن القوى التي يقودها الإسلاميون، والتي أطاحت الديكتاتور قد تعمل على تعزيز عدم الاستقرار والتطرف، ونادراً ما تكون عمليات انتقال السلطة من هذا النوع سلسة.
فبعد ثلاثة عشر عاماً من الانتفاضة في ليبيا، التي أدت إلى إطاحة معمر القذافي، لا تزال تلك البلاد غارقة في الصراع والفوضى، وفي أعقاب إطاحة صدام حسين في عام 2003، كافح زعماء العراق الجدد لتعزيز الديمقراطية، وتحملت البلاد العنف الوحشي، وتواجه سورية اليوم تحديات على نحو مماثل.
لقد أعلن المتمردون السوريون رئيسا موقتا للوزراء، لكن سيطرة الحكومة الجديدة لم تتأسس بعد بشكل كامل، ولم يقدم التحالف المتمرد الذي تقوده "هيئة تحرير الشام" الكثير من التفاصيل حول خططه لحكم سورية، لكن الدول الغربية والعربية تخشى ان يحاول انشاء نظام إسلامي متشدد.
مع ذلك حاولت الهيئة تقديم وجه معتدل، فقد نفى زعيمها علنا الارهاب الدولي، وتعهدت بعد اسقاط الأسد، بعدم تدمير مؤسسات الدولة، ووعدت باحترام التنوع العرقي والديني في البلاد.
كما قلنا، آنفا، على سورية ان تعمل فورا على تشكيل حكومة لمؤسساتها، ولا تتأخر أبدا.
0 تعليق