صراحة قلم
دائما نسمع ونرى أشخاصاً يتذمرون بسبب كثرة الفساد، الذي استشرى في غالبية أروقة الأجهزة العامة في البلاد، لكننا لم نسمع أي شخص من هؤلاء المتذمرين، حمّل الأفراد سبب هذا الفساد، أو أنه طالب الشعب بأن يغير من سلوكه العام حتى يصبح منهيا عن هذا الفساد.
قال الله تعالى في كتابه العزيز "...إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ"، وفسر العلامة السعدي هذه الآية بقوله: "إن الله لا يغير ما بقوم من النعمة والإحسان ورغد العيش، حتى يغيروا ما بأنفسهم بأن ينتقلوا من الإيمان إلى الكفر، ومن الطاعة إلى المعصية، أو من شكر نعم الله إلى البطر بها فيسلبهم الله عند ذلك إياها"، والعكس صحيح.
الفرد أساس المجتمع، فإذا رفض الفساد، فإن المجتمع سيرفضه ايضاً، وتصبح الدولة خالية منه، فقد قيل في المثل البريطاني "لو كل فرد كنس أمام بيته، لنظف الشارع كله"، لكن، للأسف، بسبب وجود أفراد ضعيفي الضمير قبلوا أن يفسدوا في أعمالهم، وتسلل هذا الفساد شيئا فشيئا في المجتمع، حتى أصبح أمرا طبيعيا لا ينكرونه، ومن ثم أصبحت السمة العامة للدولة محاربة الفساد يجب أن تبدأ من الفرد نفسه، وهذا الأمر لن يتأتى إلا بالرجوع إلى الله وحسن عبادته وطاعته، وشعور الفرد بالاستقرار النفسي، وعدم عيشه في توتر وخوف من المستقبل، بسبب التصرفات الخاطئة لبعض المسؤولين، في الوقت الذي يعلم أن هناك عقاباً سيلحق به بحزم إذا تجاوز القانون.
الدول التي عاشت شعوبها في توتر وعدم استقرار نفسي بسبب التصرفات الخاطئة للمسؤولين، كثر فيها الفساد المالي والاجتماعي والأخلاقي، قبل أن تنفجر على حكوماتها، وتدخل في دوامة الثورات والقتل والتدمير.
ومع أن كلا من الشعب والحكومة يُلامان على ما آلت إليه الأحداث من مآس، فهم أساسا يتكونون من أفراد، وهؤلاء الأفراد عصوا الله وأعرضوا عن عبادته، أو تساهلوا في تطبيق شرعه، فغيّر الله حالهم من رغد العيش إلى ضنك الحياة، ومن الصلاح إلى الفساد.
لذا على الشعوب التي تريد الاستقرار، والصلاح، ورغد العيش أن تغيّر من أنفسها، وتعبد الله على بصيرة، وتتبع سنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، حتى يبدل الله حالها إلى حال فضل، وتنتهي مظاهر الفساد، ويطيب العيش في أمن وأمان.
@al_sahafi1
0 تعليق