كلوروفيل
كتبت مقالة مشابهة للعنوان نفسه قبل خمس سنوات، وأعيد العنوان نفسه الآن، وذلك بعد قراءة تقرير الامن الغذائي العالمي" Global Food Security Index" الذي يظهر تدني مستوى دولة الكويت مقارنة مع 113 دولة، فبعد أن احتلت الكويت المركز الـ33 عام 2020، تراجعت الى المرتبة 50 عام 2022، وبانتظار مرتبة الكويت للعام 2024.
ان الأرقام لا تدعو للتفاؤل، لكن ما يدعو للتفاؤل حقا هو أن صاحب القرار السياسي في الكويت يعي ويدرك هذا الأمر، وكذلك البرامج الحكومية والسياسات الموضوعة، التي من شأنها الدفع بعجلة الأمن الغذائي في البلاد، اذاً توجب علينا تعزيز المسؤولية المجتمعية، ونشر الوعي بين المواطنين والمقيمين، على حد السواء.
كررت عنوان المقالة، وذلك ايمانا مني ، ومن كثيرين، أن الامن الغذائي مسؤولية مجتمعية كبيرة، ويعتبر أساسيا لضمان نمو المجتمع.
الأمن في الوقت الحالي لم يعد دبابات وجنوداً ومدافع، فلقد أصبح ماء وغذاء ودواء، وتوفرها بشكل كاف، واستقرارها هو ما يؤمن المجتمع.
يعرف الأمن الغذائي على أن يكون المجتمع آمناً غذائيا والأفراد كافة باستطاعتهم الوصول والحصول على الغذاء الكافي والصحي لاحتياجاتهم، في جميع الاوقات، والحالات الحرجة والطارئة، والاستثنائية.
يرتكز الامن الغذائي على اربع قواعد أساسية، وهي التوافر، بمعنى وجوده بكميات كافية في أسواق الجملة والتجزئة، ويأتي ذلك من خلال تعزيز الإنتاج المحلي، والثانية هي سهولة وصول المنتج الى كل أطياف المجتمع، سواء بالشراء أو المساعدات.
اما القاعدة الثالثة تتمثل باستخدام الغذاء بالشكل الصحيح والسليم، ومعرفة طرق التحضير الصحية التي تعزز من قدرة الانسان، الذهنية والبدنية، وتعود عليه بالصحة.
فيما القعدة الرابعة هي الاستقرار، ووجود الغذاء واتاحته بشكل مستمر من دون انقطاع أو تقلبات.
قبل فترة ليست ببعيدة، وبعد اجتماع لخبراء رفيعي المستوى بالأمن الغذائي من عدد من المنظمات العالمية، أضافوا ركيزتين مهمتين لتكون ركائز الامن الغذائي ستة بدلا من أربع، فكانت الخامسة هي الوكالة، والمعني بها صفة الفاعل، أي ان الشخص يختار ما يحلو له أن يأكل، وتدخل ضمن نطاق حقوق الانسان والركيزة السادسة والأخيرة هي الاستدامة، والتي تعني ضمان حق الأجيال القادمة، والاهتمام بها بقدر الجيل الحالي.
كل هذه الركائز الستة تعمل معا لضمان الأمن الغذائي، والقدرة على مواجهة الأزمات السياسية، والكوارث الطبيعية، وانتشار الأوبئة.
فالأمن الغذائي من القضايا المهمة في العالم، ويزداد الاهتمام بها يوما بعد آخر، ولم تعد قضية اقتصادية فقط، فهي أخذت أبعادا سياسية.
ان العمل الفعلي والجاد على الأمن الغذائي، بكل موضوعية، يتطلب تحقيق تطور في قطاعات المياه، والطاقة، والغذاء، والعنصر الرابع، والأهم هو رأس المال البشري المؤهل والمدرب، الذي سيدمج العوامل المادية الثلاث ويشكلها معاً بما يحقق الهدف المرجو منها، ويساعد في برامج الأبحاث، وتطوير التقنيات، ويحقق الأبعاد الأساسية للأمن الغذائي.
فجميع العوامل السابقة، لا يمكن أن تحقق الأمن الغذائي اذ لم تتسم بالديمومة.
أن تأمين الامن الغذائي امانة لا تحتمل التأجيل، والتهاون بتأمين الامن الغذائي قد يؤدي بنا الى أضرار لا تحمد عقباها، وسيناريوات خطيرة، اذ لا بد من تغذية وامداد سلاسل الغذاء للأجيال القادمة.
رغم التحديات الكبيرة الحكومة تعمل بجد، ونحن ندرك تماما أن المهمة صعبة، لكنها ليست مستحيلة، اذ يد بيد نصحح مرتبة دولة الكويت في تقرير الامن الغذائي العالمي، ونحقق مستويات متقدمة.
المطلوب اليوم هو وضع ستراتيجية واضحة، وخطة جدية لدولتنا الحبيبة الكويت، تبدأ بوضع الخطوط العريضة التي يتم العمل عليها بشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، مع مراعاة اختيار رأس المال البشري المحرك لعناصر الامن الغذائي، ليؤدي عمله، ويحقق الأبعاد الأساسية الرئيسية، ويؤمن الأمن الغذائي مع الاخذ بالاعتبار وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، والى مستقبل أخضر مثمر ان شاء الله.
دكتوراة علم نبات، كاتبة كويتية
0 تعليق