تسيد "شارع الأعشى" و"ليالي الشميسي" و"الزافر" ليس "كذبة أبريل"
فالح العنزي
انطلق قطار الدراما السعودية في رمضان 2025 متجاوزا السرعة القانونية في تطور دراماتيكي غير مسبوق ومفاجئ في الوقت الذي وقفت الدراما الخليجية موقف المتفرج وهي ترى المحترف الجديد قد نزل الملعب من دون "تسخين" وكأنه لاعب قوي للوثب الطويل، مجموعة أعمال قدمتها الدراما السعودية ساهمت في تحويل اتجاه البوصلة بدرجة 180 نحوها من دون سابق انذار وحتى من دون أي تسويق مسبق للمحتوى الذي ستقدمه، أعمال استحوذت على الجمهور وانتزعته قسرا من أي متابعة أخرى ولسان حالها يقول "الزين عندنا" وذلك باعتراف صناع الدراما الخليجية الذين اعتبر بعضهم بأن هذا "القطار" ربما يتوقف عند محطة معينة ثم يصعدون معه، وبعضهم الآخر بدافع الغيرة المشروعة حاول التقليل مما يحدث ولربما تكون "هبة" مثلها مثل باقي "الهبات" تختفي مع مرور الوقت.
الفلكلور والاتراك
مجموعة من الأعمال السعودية استوحت تفاصيلها ومحتواها من عمق الفلكلور والتراث السعودي وقدمتها على شكل فرجة بصرية مذهلة بمساعدة كوكبة من خيرة الأتراك أصحاب الخبرة العريقة في مجال صناعة العمل الفني خصوصا العاطفي والكلاسيكي والرومانسي، أول هذه المسلسلات "شارع الأعشى" المأخوذ عن رواية للدكتورة السعودية بدرية البشر تحمل اسم " غراميات شارع الأعشى"، مسلسل يأخذنا في أحداثه إلى الرياض القديمة بشوارعها وحاراتها وأزقتها وعمرانها القديم حيث تكون سطوح المنازل شاهد ملك على ولادة قصص الحب البريئة بعيدا عن عيون الآخرين في وسط مجتمع محافظ تحكمه قبضة العادات والتقاليد والتربية الحقيقية، لكن الحب لا يعرف المستحيل يقاتل ويحارب حتى ينتزع النصر قسرا.. ربما ينجح وربما يخسر كما هي حال "عواطف وسعد" الذي لم تقو السجادة المزركشة أن تصمد أمام رياح الواقع فتبخر حبهما وأصبح ماضيا، هكذا كانت غراميات "شارع الأعشى" الخفية تنشأ وتكبر بين شباب وشابات هذه الحارة الصغيرة في مساحتها الكبيرة في تفاصيلها التي رسمتها المؤلفة الدكتورة بدرية البشير وسعودتها سيناريو وحوار وفاء العوبيل من دون ان تمس شعرة واحدة قد تشوه جمال تلك الحقبة او تجرح مشاعر ولدت من دون تدخل جراحي،شارك في بطولة المسلسل مجموعة من الفنانين منهم الهام علي وخالد صقر وعائشة كاي وتركي اليوسف وهبة الحسن والاء سالم ولمى العبدالوهاب وعبدالرحمن بن نافع وأخرجه التركي احمد كاتكسيز الذي قدم صورة مبهرة عكست تفاصيل التفاصيل وأظهرت عمران الرياض وأننا نعيشه واقعا، اللهجة النجدية والبدوية كانت من أهم جماليات المسلسل وإن تمازجت "اللهجات" أحيانا بقصد أو من دون قصد بشكل لم ينتبه له أحدهم، لكنها لم تتشوه قط بل أصبح المشاهد ملهوفا لظهور إحدى فتيات الأعشى وهي تنطق كلمة "والله اني مشتاقتلتس" وكأنها تصب ماء باردا على محيا الجميع، لهجة أهل نجد كم هي جميلة وساحرة ولهجات ابناء البادية كم هي صادقة وخلاقة.

نجوم شارع الأعشى
"ليالي الشميسي"
ثاني الاعمال مسلسل "ليالي الشميسي" بطولة الفنانة ريم عبدالله وعبدالاله السناني وأحمد شعيب ومجموعة كبيرة من الفنانين، أخرجه محمد لطفي وهو من فكرة محمد السلطان وسيناريو وحوار ندى خالد يقدم مجموعة متقاطعة من القضايا في هذا الحي الشعبي الجميل ورحلة عبر الزمن الى تلك الحقبة الجميلة من دون تصنع أو تكلف، صراع يتم على الإرث الذي عرفته البشرية منذ الأزل لكنه لم يكن صراعا عاديا مثله مثل ما يطرح الدراما المعاصرة بل جاءت التفاصيل لتحبس الانفاس حتى اللحظات الأخيرة في قتال خفي بين "سارة"، "ريم عبدالله" وابن زوجها"عبدالله" عبدالاله السناني، امرأة سعودية حقيقية لا تنكسر ولا تضعف ولا تستسلم لم تعرف البوتوكس ولا آلات النفخ والشد معجونة بطينة اهل الرياض.
" الزافر" ثالث الأعمال التي فرضت سطوتها في الدراما السعودية من كتابة عثمان جحا، وإخراج سيف الشيخ نجيب، تأسرنا الأحداث في قرية جبلية جنوب السعودية خلال حقبة زمنية قديمة، وتحدث فيها العديد من الصراعات الداخلية والخارجية، ما يؤدي إلى سلسلة من التحولات الدرامية، مشاهد الحروب التي لم نعهدها في الدراما الخليجية كانت حاضرة بتفاصيلها وقسوتها وهو أول عملٍ درامي عربي يُصوّر بتقنيات وعدسات anamorphic lens، بمشاركة نحو 500 شخصٍ بين فني، وعامل، ومهندس، وشارك في بطولة المسلسل مجموعة من الفنانين منهم راشد الشمراني ومريم الغامدي وعلي الحميدي واضوى فهد ومروى محمد وطارق الحارثي وغيرهم.ايضا شهدت الدراما السعودية انتاج مجموعة جديدة من الاعمال التلفزيونية قدمت الكثير من الوجوه الشبابية التي ستكون لها الكلمة الأولى في القادم من السنوات وسيقودون هم القطار بعدما تم جر حبل الجرس وانطلق الصوت مرتفعا " بيب بيب".
الدراما الخليجية
في المقابل وبصورة عابرة على الدراما المحلية التي تجاوز عدد انتاجاتها العشرين عملا متنوعا مابين تراثي وحقبوي وكوميدي للأسف ظلت هذه الأعمال حبيسة المشاهدة المحلية وفي إطار ضيق ربما تنفرج الأسارير بعد رمضان نسمع ردود أفعال عنها تحفظ ماء الوجه خصوصا وإن جميع المسلسلات التي يترأس بطولتها نجوم الصف الأول هي ليست من انتاج تلفزيون الكويت بل اما تكون انتاج جهات خارجية او انتاجا خاصا وهذه طامة حيث لا بد من عودة تلفزيون الكويت للمنتج المنفذ تحت رقابة مباشرة ومتابعة للمحتوى والتطورات التي يشهدها عالمنا من صناعة الوجه الجديد للدراما، المنتجون يبذلون قصارى جهدهم ويتحمللون التكاليف لكن تظل اليد الواحدة لا تصفق ثم نجد انفسنا مدفوعين للهروب والعمل "خارج الصندوق".

بوستر ليالي الشميسي
0 تعليق