يصادف 22 مارس هذا العام الذكرى الرابعة والخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية ودولة الكويت، إذ تعد دولة الكويت أول دولة خليجية تقيم العلاقات الدبلوماسية مع الصين.
وعلى مدى 54 عامًا، صمدت العلاقات بين البلدين أمام التغيرات الدولية، وظلت تتطور بشكل سليم ومستقر، كما أسفر التعاون الثنائي في مختلف المجالات عن نتائج مثمرة.
وظلت الصين والكويت تدعمان بعضهما بعضا، ففيما دعمت الكويت وتدعم دائما مبدأ صين واحدة، وصَوَّتَتْ لصالح استعادة المقعد الشرعي لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة، فإن الصين تدعم جهود الكويت لحماية سيادتها وسلامة أراضيها، وعندما تَعَرّضت الكويت للغزو في عام 1990، قدمت الصين لها دعماً راسخاً لاستعادة استقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها.
وقد حافظ الجانبان دائمًا على التنسيق الوثيق في الشؤون الدولية، ودعّما الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، كما عارضا الهيمنة وسياسة القوة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وعملا بشكل مشترك على حماية المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة المركز لها إضافة الى تعزيز تطور النظام الدولي ليكون أكثر عدالة ومعقولية.
وكان صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت هو أول زعيم من زعماء دول الخليج يعرب عن دعمه علنيا لمبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية التي طرحها الرئيس شي جين بينغ، الأمر الذي أرسى أساسا سياسيا متينا وضخ زخماً قوياً لتعميق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في المستقبل.
وظلت الصين والكويت تعملان على تعميق التعاون العملي القائم على المنفعة المتبادلة بشكل مستمر، ففي الوقت الذي تعد الكويت أول دولة في الشرق الأوسط توقع وثيقة تعاون في إطار مبادرة "الحزام والطريق" مع الصين، أصبحت الصين أكبر شريك تجاري للكويت لمدة 10 سنوات متتالية، وافتتحت هيئة الاستثمار الكويتية مكتبها الاستثماري الخارجي الثاني في مدينة شانغهاي، وأصبحت أول مستثمر أجنبي في شبكة السكك الحديد عالية السرعة في الصين.
وأنجزت الشركات الصينية بناء الكثير من المشاريع الكبرى المهمة في الكويت، بما في ذلك المبنى الرئيسي الجديد لبنك الكويت المركزي، والمدينة الجامعية، والمصفاة، ومشروع الإسكان، وطريق الدائري السابع، مما ساهم بشكل إيجابي في تنمية الاقتصاد الكويتي وتحسين معيشة الشعب.
وتحظى المنتجات الصينية، وعلى رأسها السيارات، بشعبية كبيرة لدى المستهلكين الكويتيين، فضلا عن أن الكويت أصبحت بالتعاون مع شركة هواوي أول دولة في الشرق الأوسط تنجح في تغطية شبكة الجيل الخامس على مستوى البلاد.
ويتوسع نطاق التعاون بين البلدين ليشمل مجالات الاستثمار والتمويل والاقتصاد الرقمي وغيرها، فيما يعمل الجانبان حاليا على تنفيذ سلسلة من اتفاقيات التعاون التي شهد توقيعها قائدا البلدين.
وفي الآونة الأخيرة، وقّع الجانبان الصيني والكويتي عقد خدمات دراسة وتصميم وتقديم خدمات ما قبل التنفيذ لاستكمال مشروع ميناء مبارك الكبير في الكويت، والاتفاقية الإطارية للترتيبات الفنية للتعاون المشترك في الطاقة المتجددة في بيجين، ومن المؤكد أن يجلب التعاون العملي بين البلدين مزيدًا من الرفاهية للشعبين.
ثقافيا، ظلت الصين والكويت تعززان التفاهم والتقارب بين شعبيهما، في الوقت الذي يتزايد فيه التبادل بين البلدين بوتيرة متسارعة، حيث تصل الرحلات الجوية المباشرة من مدينة الكويت إلى قوانغتشو ثلاث مرات أسبوعيا، ويسافر المزيد من الكويتيين إلى الصين لأغراض سياحية وتجارية، لاسيما خلال معرض كانتون، حيث كانت جميع الرحلات إلى الصين مكتظة بالركاب.
وتم إنشاء أول مركز ثقافي صيني في منطقة الخليج بالكويت، حيث نظم سلسلة من الفعاليات الثقافية المتنوعة، مما وفر نافذة جديدة للشعب الكويتي لفهم الصين بشكل أعمق، وأنشأ منصة جديدة لتعزيز التبادل الثقافي والتعلم المتبادل بين البلدين.
وظلت السفارة الصينية في الكويت تعمل على تنفيذ التوافقات المهمة التي توصل إليها الرئيس الصيني شي جين بينغ وصاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وتعزيز التعاون الثقافي والإنساني بين البلدين، وقد نظمت العديد من الفعاليات الثقافية الكبرى، واستضافت فرقاً فنية صينية لأداء عروض في الكويت، مما أسهم في تعريف المجتمع الكويتي بالثقافة الصينية التقليدية الغنية، وحظي ذلك بتقدير واسع من مختلف أوساط الكويت.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن التبادلات والزيارات بين وسائل الإعلام ومراكز الفكر والشباب والأكاديميين والطلاب وغيرهم أصبحت أكثر، مما دفع الى تقارب قلوب الشعبين، لينتقلا من مرحلة "التعارف والتفاهم" إلى مرحلة "التقارب والتآزر".
وعلى مدار الـ54 عامًا الماضية، كانت الصين والكويت دائمًا صديقين حميمين وشريكين وثيقين، وسيظلان صديقين وشريكين يتبادلان الثقة والدعم في المستقبل.
وفي ظل التوجيه الاستراتيجي لقيادتي البلدين، دخلت العلاقات الصينية ـ الكويتية أفضل فترة في تاريخها، حيث تشهد آفاقًا أرحب وأكثر إشراقًا.
وتبذل الصين حاليًا جهودا لدفع التنمية عالية الجودة والانفتاح عالي المستوى، ومن خلال التحديث الصيني النمط، وتسعى إلى تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية، مما سيجلب المزيد من الفرص للعالم، بما في ذلك الكويت.
يذكر أن الصين تتولى هذا العام رئاسة منظمة شانغهاي للتعاون، في حين تتولى الكويت رئاسة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في المرحلة ذاتها، ويرغب الجانب الصيني في اغتنام هذه الفرصة لتكثيف التواصل والتنسيق مع الجانب الكويتي، لدفع العلاقات بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي نحو تنمية عالية الجودة.
وتتطلع الصين إلى تعميق التعاون مع الدول الخليجية باستمرار في مجالات الطاقة والبنية التحتية والطيران والطاقة المتجددة والاقتصاد الرقمي ومكافحة التصحر، وتعزيز الاستثمارات المتبادلة والروابط الاقتصادية والتجارية، وذلك من أجل تحقيق المزيد من الفوائد الملموسة لشعوب دول المنطقة ولأعضاء منظمة شنغهاي للتعاون جمعاء.
وإننا على ثقة تامة في تنمية مستقبل العلاقات الصينية-الكويتية، وسنواصل بذل جهودنا الدؤوبة لتعزيزها.
$ السفير الصيني لدى الكويت
0 تعليق