تصنيع السيارات فى مصر..كيف؟

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بعد إعادة تشغيل مصنع النصر والشراكة المصرية الماليزية:

الحكومة تخدع المواطنين والخبراء يؤكدون: صناعة سيارة كل 6 دقائق وهم 

الاتفاقات الأخيرة تجميع وليست تصنيعًا

مصر تمتلك المقومات الفعلية وتستطيع إنتاج سيارة خلال سنة ولكنها تفتقد القرار الصحيح

مطلوب حوافز وتسهيلات ضريبية وجمركية وتحديد آلية لدخول وخروج أموال المستثمرين 

مصر مؤهلة لتصبح سوقًا واعدًا لتصدير السيارات بشروط

 

منذ أيام زفت إلينا الحكومة أخبارًا سارة حول عودة مصنع النصر للسيارات العملاق للتشغيل مرة أخرى، مؤكدة أن مصر ستعيد إحياء صناعة السيارات من جديد، وستتحول إلى مركز إقليمى ودولى لتصنيع السيارات خلال 3 سنوات، وقبلها بأيام أعلنت إحدى الشركات الخاصة عن افتتاح مجمعها الصناعى الأول فى مصر لإنتاج السيارات من علامة بروتون الماليزية، وذلك بحضور الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل والصناعة، وأنور إبراهيم رئيس وزراء ماليزيا.

هذه الأخبار أكدت توطين صناعة السيارات فى مصر، بينما أكد الخبراء أن هذا الأمر يتطلب إجراءات أخرى حتى لا تتحول هذه الصناعة إلى تجميع فقط، فمصر مؤهلة لتكون سوقًا لتصنيع وتصدير السيارات للعالم، وهو ما يحدث نقلة نوعية فى الاقتصاد المصرى، ولكن هذا يتطلب إجراءات أخرى لا بد أن تتخذها الحكومة بدلًا من التهليل الإعلامى والوعود غير المنطقية مثل إنتاج سيارة كل 6 دقائق فهذا درب من المستحيل.

وكانت الشركة الخاصة قد أعلنت عن بدء إنتاجها الفعلى خلال شهر ديسمبر على أن تكون ساجا هى أول طرازات بروتون التى سيتم تجميعها فى مصر خلال الفترة القادمة فى المصنع الجديد. 

وتستهدف الشركة إنتاج 40 ألف سيارة سنوياً بشكل مبدئى، على أن يتم تشغيل مصنع الدهانات خلال 15 شهرًا تمهيداً لمراحل توسعية أخرى ستتضمن إنتاج السيارات الكهربائية والمحركات، إلى جانب مجموعة من المكونات، بهدف رفع الطاقة الإنتاجية السنوية إلى 80 ألف سيارة، ومن المستهدف تصدير 10٪ من إنتاجه خلال أول عام لتشغيله.

على الجانب الآخر شهد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، توقيع عقد تأسيس شركة مساهمة بين شركة النصر للسيارات، وشركتى «ترون تكنولوجى» السنغافورية التايوانية، و«يور ترانزيت» الإماراتية، بحضور المهندس محمد شيمى وزير قطاع الأعمال العام.

وتهدف الشراكة، إلى تصنيع أول مينى باص كهربائى (24 راكبًا) للخدمة داخل المدن والقطاع السياحى، بطاقة إنتاجية تصل إلى 300 أتوبيس خلال عام 2026، بجانب إقامة خط لإنتاج البطاريات الكهربائية بقدرة إنتاجية 600 بطارية فى عام 2026.

ومن المقرر أن يبدأ الإنتاج، اعتبارًا من منتصف العام المقبل، على أن تتم مضاعفة هذه الأعداد بداية من عام 2027.

وأشار رئيس الوزراء، إلى المقومات التى تتمتع بها شركة النصر للسيارات الآن والتى تمكنها من إقامة صناعة محلية كاملة دون الحاجة لإقامة مصانع فى مناطق أخرى، تماشياً مع سعى الدولة للتوسع فى قطاع صناعة السيارات، موضحاً أن احتياجات السوق المحلية وحدها يقارب 500 ألف مركبة سنوياً، مع توقعات لزيادات ملحوظة بحلول 2030 مع الزيادة السكانية والنمو الاقتصادى الذى تنتهجه الدولة. 

وأكد رئيس الوزراء اهتمام الدولة برفع نسبة المكون المحلى فى الأتوبيسات من 50٪ إلى 70٪ مشيراً للمقومات التى تتيح تخطى هذه النسبة.

من جانبه، أكد خالد شديد، رئيس شركة النصر للسيارات، أنه تم تأسيس شركة مع القطاع الخاص بنسبة 24ý%ý للنصر للسيارات والباقى للقطاع الخاص لتسويق السيارات، علاوة على توقيع اتفاق مع شركة صينية لتصنيع سيارات بنزين وكهرباء اعتبارًا من مايو 2025.

وأوضح أن الشركة تمتلك 9 مصانع وتستهدف تشغيلها الفترة المقبلة واستثمارها تباعًا واستكمال تاريخها الطويل، كما أنها تسير بقوة لتصنيع سيارات الملاكى بمعدل 10 سيارات يوميًا بمجرد الانتهاء من المصنع، لافتًا إلى أنه تم تمويل المصنع من الشركة القابضة للصناعات المعدنية بنحو 20 مليون دولار.

وتابع، «نسعى لتحول الشركة من محلية إلى إقليمية، من خلال الاستثمار فى البنية التحتية وخطوط الإنتاج وجذب الخبرات مجددًا»، لافتًا إلى أن الشركة ستركز على تصنيع سيارات الركوب والأتوبيسات، لا سيما أن الشركة سبق وباعت نحو نصف مليون سيارة قبل توقفها عام 2009».

وأشار إلى أن عملية التطوير شاملة فى الشركة وبدأنا بتصنيع الأتوبيسات ونجحنا فى 4 أشهر فى تجهيز المصنع بمعدل أتوبيس فى اليوم ونسعى لزيادة الإنتاجية إلى 1500 أتوبيس سنويًا بالتعاقد مع شركة «يوتونج» العالمية، بحيث نصنع العام المقبل أول أتوبيس كهربائى لهيئة النقل العام.

وأوضح أن الأتوبيس الحالى يعمل بالديزل بنسبة مكون محلى 50٪ý ونهدف للوصول بها لنسبة 70٪ý، تزامنًا مع تأسيس شركة جديدة برأسمال 10 ملايين دولار لتجميع بطاريات الأتوبيس وعمل مينى باص بالكامل منتصف العام المقبل.

 

قلعة صناعة السيارات

فيما قال محمد شيمى وزير قطاع الأعمال العام فى مصر، إن الإعلان عن إنتاج شركة النصر للسيارات لأتوبيس جديد بنسبة مكون عالية يمثل نقطة البداية على طريق إعادة الحياة إلى الشركة التى تعد قلعة من قلاع الصناعة وقطاع الأعمال فى مصر، وهو ما يسهم فى تحقيق الطموحات التى تستهدف الدخول فى مجال صناعة السيارات وفقًا لمعايير الجودة العالمية.

وأوضح أن جهود إعادة إحياء النصر للسيارات جاءت وفقًا لثلاثة محاور رئيسية وهى رؤية مصر 2030، وبرنامج عمل الحكومة ووثيقة سياسة ملكية الدولة، وكذلك فى إطار دعم الصناعة الوطنية وإحلال الواردات وتوطين تكنولوجيا صناعة السيارات، وتعظيم نسبة المكون المحلى فى المنتجات والالتزام بمعايير الجودة ووضع خطة تسويقية، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص والعمل على مواكبة التطور العالمى فى صناعة السيارات، وتحقيق أقصى استفادة من الأصول وتعظيم عوائدها.

وأشار إلى أن إعادة إحياء النصر للسيارات تستهدف تطبيق التكنولوجيا الحديثة والتوافق مع الاشتراطات البيئية وخدمات ما بعد البيع، وهو ما يضمن تطبيق معايير الاستدامة والتطور فى مجال صناعة السيارات.

 

شروط توطين الصناعة

إلا أن المهندس جمال عسكر، خبير قطاع السيارات، قال إن مصر إذا أرادت توطين صناعة السيارات حقًا فلا بد عليها أن تتعاون مع أكبر دولة فى العالم فى هذا المجال حاليًا وهى الصين وليس ماليزيا أو الإمارات. 

وأضاف عسكر، أنه لم يكن يجب على الحكومة الحالية إعادة افتتاح مصنع عملاق مثل النصر للسيارات بدون وجود استراتيجية واضحة لتصنيع السيارات، مشيرًا إلى أن هذه الاستراتيجية لم تصدر حتى الآن عن رئيس مجلس الوزراء الذى كان من المفترض أن يصدرها بعد قرار رئيس الجمهورية بتكليفه فى عام 2022 بتشكيل المجلس الأعلى للسيارات برئاسته وعضوية 5 وزراء معنيين و4 خبراء فى مجال السيارات، قائلًا، «مفيش حد هييجى يشتغل معانا فى الصناعة طالما معندناش استراتيجية واضحة». 

وأشار إلى أنه منذ حوالى شهر كان يزور مصر رئيس شركة فولكس فاجن الألمانية العالمية المتخصصة فى صناعة السيارات ولم يجد سياسة واضحة بخصوص الصناعة، واضطر إلى توقيع مذكرة بالأحرف الأولى فقط مع مصر وعاد إلى بلده مرة أخرى، ومنذ عام تقريبًا كان رئيس وزراء اليابان يزور مصر أيضًا لفتح 3 مصانع فى أفريقيا لتصنيع السيارات ولم يجد أيضًا سياسة واضحة فوقع مذكرة بالأحرف الأولى وعاد إلى بلده». 

وأوضح خبير قطاع السيارات، أنه لكى نجذب عمالقة صناعة السيارات فى العالم إلى مصر وتوقيع اتفاقيات معهم، فلا بد من الإعلان عن منح صلاحيات وحوافز وتسهيلات ضريبية وجمركية وغيرها للمستثمرين الأجانب، بالإضافة إلى آلية واضحة لسهولة دخول الأموال وخروجها من البلد، وللأسف نحن لم نعلن عن ذلك حتى الآن. 

وفيما يتعلق بمدى امتلاك مصر مقومات صناعة السيارات، أكد عسكر، أن المقومات موجودة بكل تأكيد، حيث تمتلك العامل البشرى المؤهل وبها 50 ألف خريج كل سنة ما بين مدارس صناعية ومعاهد وكليات هندسة وغيرها، ويشاركون فى مسابقات دولية سنويًا ويحصلون على المراكز الأولى باستمرار، كما توجد بها مصانع وخطوط إنتاجية قوية لا بد من استغلالها فى التصنيع وعقد شراكات واتفاقات مع المستثمرين الأجانب ولكن بشرط يتمثل فى تحقيق الاستفادة للطرفين المستثمر والبلد، بحيث لا يتم استغلال المستثمر وتحقيق مكاسب على حسابه، فضلًا عن أن مصر تمتلك شبكة قومية للطرق ومناطق لوجيستية على أعلى مستوى مع وجود الأمن والأمان والاستقرار. 

892.jpg
خالد الشديد

وتابع، «بالتالى ما تحتاجه مصر حاليًا هو وجود صاحب قرار يتخذ قرارًا بتعيين شخص مناسب لتوطين صناعة السيارات ويعطى له كل الصلاحيات فى تشكيل فريقه المتخصص، وبعدها سوف تنطلق صناعة السيارات الحقيقية، لأنه طالما ظلت العقلية المتحجرة الحالية لن تتحرك الصناعة فى مصر». 

ولفت إلى أن صادرات دولة مثل المغرب من السيارات العام الماضى وصلت إلى 7 مليارات دولار، ودولة مثل الصين أنتجت 27.6 مليون سيارة فى 2023، وفى عام 2024 تم الانتهاء من إنتاج 30 مليون سيارة حتى الآن، فى الوقت الذى تتراوح فيه مبيعات السيارات فى مصر خلال السنوات الماضية بين 150 إلى 170 ألف سيارة سنويًا».

893.jpg
أحمد خزيم

وأكد خبير قطاع السيارات، أن مصر يمكن أن تصبح واحدة من أهم الدول فى صناعة السيارات الكهربائية إذا وضعت استراتيجية واضحة تجذب المستثمرين الأجانب والشركات العالمية العاملة فى هذا المجال لإنشاء خطوط إنتاج السيارة ومكوناتها سواء البطارية أو الموتور أو الشواحن فضلًا عن الإطارات، وبالتالى تصل نسبة المكون المحلى إلى 80%، وليس 42% كما تم الإعلان عنه. 

وأوضح أن مصر يمكنها إنتاج سيارة كاملة فى عام واحد فقط، خاصة مع وجود اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية التى تسمح بتصدير السيارات بصفر جمارك، وبالتالى من الممكن الاستفادة من الحرب التجارية الدائرة بين الاتحاد الأوروبى وأمريكا من ناحية والصين من ناحية، واستغلال موقعها الاستراتيجى فى تصدير السيارات إلى أوروبا بدلًا من الصين والحصول على حصة لا يستهان بها من هذه الصناعة. 

وتابع، «التصدير سيكون بدون جمارك، وبالتالى مليارات الدولارات مكاسب من هذه الصادرات .. وبدل ما المغرب بتصدر بـ7 مليارات دولار مصر هتوصل إلى 70 مليار دولار من صناعة السيارات». 

ولفت إلى أن مصر بها نحو 9.5 مليون سيارة ركوب، تحتاج إلى 25 مليون إطار سيارة سنويًا، وبالتالى من الممكن إنشاء 10 مصانع لإنتاج الإطارات لتغطية الطلب سنويًا، بدلًا من الإعلان مؤخرًا عن افتتاح مصنع واحد لإنتاج 60 ألف إطار سنويًا فقط». 

896.jpg
جمال عسكر

 

تجميع وليس تصنيعًا

وقال المستشار الاقتصادى، أحمد خزيم، إن ما حدث مؤخرًا من توقيع اتفاقيات بقطاع صناعة السيارات فى مصر، ما هو إلا تجميع للسيارات وليس تصنيعًا حقيقيًا. 

وتساءل «خزيم»، كيف يكون ذلك تصنيعًا وقد قمنا ببيع مصانع الحديد والمراجل البخارية التى تغذى هذه الصناعة وتنتج أهم مكوناتها وهى الحديد والمحركات. 

وأوضح المستشار الاقتصادى، أن الشركاء الأجانب المتعاقد معهم سواء ماليزيا أو سنغافورا أو الصين أو غيرها هم من يمتلكون أدوات وتكنولوجيا التصنيع، أما نحن فلا نمتلك تكنولوجيا تصنيع سواء المواتير أو مكونات إنتاج السيارات حتى الآن، «وبالتالى ما حدث فى صفقة النصر للسيارات هو اتفاق بين شركات من 3 دول والنصر للسيارات دخلت فى الصفقة بقيمة الأرض وهى 24% من قيمة المشروع، ولكن المعدات وتكنولوجيا التصنيع تابعة للشريك الأجنبى برأسمال إماراتى». 

وأشار «خزيم»، إلى أن الإنتاج سيبدأ فى 2025 وما قيل بأن الشركة سوف تنتج سيارة كل 6 دقائق يجافى الحقيقة، لأن ذلك يعنى أن المصنع يمكنه إنتاج ما يكفى أفريقيا كلها وليس مصر فقط، وهذا الحديث ليس منطقيًا، لافتًا إلى أن ما ننادى به دائمًا هو توسيع قاعدة الملكية فى الشركات وإدخال مستثمرين جدد بكامل القيمة بدلًا من بيع الأرض كما حدث فى مصنع النصر للسيارات». 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق