دمشق بعد 3 أشهر من النصر ... الخطاب الطائفي يتصاعد: نحن الأكثرية

24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ـ سيارات الدعوة للدين الإسلامي بثوب طالبان تثير توجس المسلمين السوريين قبل غيرهم

ـ السوريون بانتظار نرميكم بالبحر... بعد شعارات من "يحرر يقرر" و"من لايعجبه فليغادر"

ـ الاعلان الدستوري... تكريس سلطة الرجل الواحد المطلقة بثوب إسلامي لخمس سنوات

ـ حكومة اللون الواحد فشلت في تحقيق وعودها فلا رواتب الموظفين زادت ولا الكهرباء تحسنت

عقب ثلاثة أشهر وبضعة أيام على سقوط النظام السوري السابق، بدت ملامح الحكم الجديد بالظهور في دمشق، ومدن أخرى، لكن العاصمة السورية التي تئن تحت وطأة وضع اقتصادي صعب، لم تعتد على مشاهد انتشار سيارات الدعوة للدين الإسلامي في شوارعها لا سيما الأحياء المسيحية، وهي المحافظة ذات الغالبية "السنية" الكبيرة، وفي الوقت ذاتها تمثل فسيفساء سورية.

سيارات الدعوة لدين غالبية سكان العاصمة، تبدو وكأنها تدعو لدين مختلف لم يعهده السوريون، والمسلمون منهم بخاصة، في تاريخهم الطويل، لكنها وكما يبدو ترسم ملامح مستقبل يخشاه السوريون جميعا، أقرب إلى إسلام طالبان، منه إلى إسلام أهل الشام المعتدل المنفتح، رغم تصريحات الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع عن عدم تحول سورية إلى أفغانستان.

بل إن هذه المشاهد جعلت السوريين يتوجسون على مستقبل بلدهم، بعد أن ذهبت نشوة الانتصار والتخلص من حكم الأسد، ويقارنون بين مايعلنه الرئيس الشرع ويتحدث به، ومايتجسد على أرض الواقع، في تناقض واضح بين الممارسة ومايطرحه من مواقف.

زاد من حدة التوجس، الاعلان الدستوري، الذي أعاد للأذهان تكريس سلطة الرجل الواحد المطلقة لكن بثوب إسلامي، ولخمس سنوات، وهي المدة الأطول في الانتقال السياسي التي لم تشهدها دولة في السابق.

محاولات التجميل وحملات العلاقات العامة التي يطلقها الحكم الجديد، لتسويق نفسه خارجيا، تسير على نهج سابقه، في محاولة كسب الشرعية الخارجية، على حساب شرعية الشعب المغلوب على أمره، والذي لم يعد يريد سوى ان يعيش حياة كل البشر، ذلك أن الحكومة الموقتة، فشلت في تحقيق وعودها منذ تسلمها ادارة البلد، فلا رواتب الموظفين زادت، بل عاد زمن منح الرئيس، من دون إطلاق كلمة مكرمة عليه، ولا الكهرباء تحسنت، والسوق في ركود تام في ظل حبس العملة السورية، وضعف القدرة الشرائية للسوريين وعجزهم عن تأمين أقل احتياجاتهم.

زاد من الأزمة أحداث الساحل السوري الأخيرة، التي راح ضحيتها أكثر من ألف سوري ربعهم من الأمن العام، والبقية مدنيون في مجازر أعادت إلى الأذهان مجازر الأسد السابقة، وبثوب طائفي مقيت، مازال يلقي بظلاله على البلاد.

أكثر من ذلك، ارتفعت حدة الخطاب الطائفي على حساب الخطاب الوطني الجامع، في ظل إدارة بلون واحد، تعتمد على مجموعات مسلحة إسلامية، بعضها كان مصنفاً إرهابيا ومازال، وقوى أمن ملثمة. مترافقا بشعارات "من يحرر يقرر"، و" نحن الأكثرية"، و" من لايعجبه فليغادر"، وكأن البلد من لون واحد فقط.

محاولات إنهاء الانقسامات الداخلية التي أحدثتها السياسات المذهبية لنظام الأسد، مازالت بحاجة إلى الكثير من الجهد، لإقناع السوريين بأنهم متساوون، والحكم الجديد بحاجة لبناء الثقة مع جميع أطياف الشعب، ووضع حد لتغول تطرف الفصائل القادمة معه، وشاركته المرحلة السابقة، فالسوريون ملوا الكلام والوعود، ورمي اسباب العجز على النظام المخلوع.

صحيح أن الحكم الجديد لا يملك عصا سحرية، لكن الممارسات المنفلتة لعناصر محسوبة عليه، ومغطاة من قبله، لن تمكنه من فرض سيطرته على الشعب السوري، الذي خرج ليؤسس لبلد جديد، يتساوى فيه الجميع بالحقوق والواجبات ويحتكمون فيه للقانون فقط، لا لسلطة الخلافة، التي يحاول الاعلان الدستوري تكريسها.

وإذا كان النظام السابق لم يعمل على بناء هوية سورية تشعر المواطنين بأنهم متساوون في الحقوق، بل عمد إلى تهجير أكثر من عشرة ملايين شخص وقتل عشرات الآلاف منهم. فان الإدارة الجديدة بحاجة إلى إعادة اللحمة الوطنية وترسيخ السلم الأهلي، لفرض استقرار وسلم داخلي، بالإضافة إلى إشراك مكونات الشعب بجميع أطيافه بالحكم، حتى تنال ثقة المجتمع الدولي بشكل كاف لرفع العقوبات كاملة عنها وتلقيها أموالاً لإعادة الإعمار.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق