العنجهية الأميركية

24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

صراحة قلم

ترى حكومات الدول أن العالم على عتبة نظام جديد، تحاول الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب تأسيسه، حتى تكون هي الجهة الوحيدة المتحكمة في زمام أموره، ولو تطلب الأمر الاحتكام إلى قانون الغابة.

كانت السياسة الأميركية المعلنة منذ نشأتها، تتسم بتصريحات ديبلوماسية، تتخللها جمل وعبارات يفهم من خلالها ما تريد، سواء أكان على صعيد التفاوض، أو على صعيد العلاقات الديبلوماسية مع الدول الأخرى، فلهجتها في الغرف المغلقة تختلف عنها في العلن، وذلك احتراماً للعلاقات الدولية.

وهذا ما جعلها القوة الأكثر تأثيراً في العالم، فهي سخرت قوتها، العسكرية والتجارية، لتساند ديبلوماسيتها، عكس ما يحدث حالياً، من محاولة إدارة ترامب تسخير الديبلوماسية لتساند التجارة، ملوِّحة بقوتها العسكرية.

اتضح للعالم، أن سياسة ترامب التي يريد اتباعها في ولايته الحالية، من خلال اجتماعه مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وتعاطيه معه بعنجهية، واستفزاز، وعدم احترام، مطالبه، ومنها دفع نحو 500 مليار دولار من المعادن النادرة كفاتورة عن مساعدات أميركا له في حربه مع الروس، وإجباره على الاجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإنهاء الحرب وفق شروطه.

ترامب، ونائبه جيه دي فانس، لم يحترما زيلينسكي، بل أنهما حاولا تشويه صورته بنعتهما إياه بالدكتاتوري، رغم أنه فاز في انتخابات ديمقراطية، لكنهما ضربا عرض الحائط بالديمقراطية التي تتغنى بها أميركيا، وبالأعراف الدولية لتحقيق الربح المالي فقط، حتى ولو كان على حساب احتلال دولة لدولة أخرى.

كما اتضح للعالم أن ترامب مُصّر على وضع نظام دولي جديد، يوائم مصالح بلاده التجارية، ولهذا اختياره إيلون ماسك لتولي وزارة "الكفاءة الحكومية"، وهوارد لوتنيك وزيرا للتجارة، وهما مشهوران بالعنجهية، والصلافة، والفوقية، فقد رد ايلون ماسك رداً بذيئاً على بيان الاتحاد الأوروبي بشأن احتواء منصة "X " على خطاب الكراهية والتضليل.

كما أنه علق على ما كتبه رئيس وزراء كندا، المستقيل جاستين ترودو، الرافض لفكرة ترامب بضم كندا للولايات المتحدة الأميركية، بتعليق ساخر نعته فيه بـ"الفتاة"، وأيضا إهانته للمستشارة الألمانية السابقة انجيلا ميركل، بعد انتقادها إياه بنشر رد في منصة "X" حرف فيها اسمها حتى يشبه كلمة تستخدم في أوساط الدعارة بقوله "من هي انجيلا ميركين"؟

أما وزير التجارة وهوارد لوتنيك، فهو لا يقل عن ماسك في الصلافة والتجريح، ومعروف عنه دعمه المطلق لإسرائيل، وعدائه الشديد للمسلمين، وتصريحه المجحف ضد الكويت، وسرده معلومات مغلوطة، بقوله إن الولايات المتحدة صرفت 100 مليار دولار لتحرير الكويت، وأنها هي التي أطفأت آبار النفط التي حرقها الجيش العراقي قبل هروبه من الكويت عام 1991، وأن الكويت تفرض رسوما جمركية عالية على الصادرات الاميركية.

جاء هذا التصريح وفق سياق السياسة الأميركية الجديدة التي ينتهجها البيت الأبيض، فهو أراد من هذا التصريح الاستفزازي، ابتزاز الكويت، إما ماليا، وإما بهدف الضغط عليها حتى تطبع مع الكيان الصهيوني، وإلا العالم يعلم أن الحصة التي دفعتها واشنطن لتحرير الكويت لم تتجاوز خمسة مليارات دولار.

وأن آبار النفط تم إطفاؤها على يد أبناء الكويت، وأن الرسوم الجمركية التي تفرضها الكويت على الصادرات الأميركية هي خمسة في المئة، وهي النسبة نفسها التي تفرضها دول الخليج العربية، وأن حجم الاستثمارات الكويتية في الولايات المتحدة نحو 300 مليار.

لكن الإدارة الأميركية تريد من هذا التصريح الضغط على الكويت لتلبية مطالبها، ولهذا على الحكومة التعامل مع هذا التصريح بجدية، وخطوات استباقية لحفظ الكويت من أي طارئ... أسأل الله أن يحفظ الكويت وشعبها من كل مكروه.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق